عاجل

موكب المولد النبوي الشريف.. الصوفية تحتفي من «الجعفري» لسيدنا الحسين

موكب المولد النبوي
موكب المولد النبوي

تحتفي الطرق الصوفية، اليوم الخميس، بموكب المولد النبوي الشريف، حيث تنطلق الاحتفالات عقب صلاة العصر من مسجد صالح الجعفري بالدراسة وصولًا لساحة مسجد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما.

المولد النبوي الشريف 

وأعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية إطلاق فعاليات "أسبوع الفرح برسول الله" احتفاءً بمولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك خلال الفترة من السبت 30 أغسطس وحتى الجمعة 5 سبتمبر 2025.

وتشهد جميع الطرق الصوفية على مستوى الجمهورية مشاركة واسعة في هذه الفعاليات، من خلال تنظيم حلقات الذكر، ومجالس تلاوة القرآن الكريم، والملتقيات العلمية والدينية، التي تحظى بإقبال كبير من المريدين والأتباع كل عام.

المشاركة في الموكب الصوفي الكبير بمناسبة المولد النبوي 

كما وجهت المشيخة دعوة عامة لأتباع الطرق الصوفية في مختلف المحافظات للمشاركة في الموكب الصوفي الكبير بمناسبة المولد النبوي الشريف، والمقرر انطلاقه يوم الخميس 4 سبتمبر 2025 عقب صلاة العصر، من مسجد سيدي صالح الجعفري وصولًا إلى ساحة مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه.

ويأتي هذا الحدث امتدادًا للنجاح الذي حققته الطرق الصوفية في موكب رأس السنة الهجرية الأخير، والذي انطلق من مسجد سيدي صالح الجعفري إلى مسجد الإمام الحسين، وجذب آلاف المشاركين من مختلف الطرق والمريدين.

تاريخ الموكب الصوفي في الهجرة والمولد النبوي

تاريخ طويل يرتبط بالموكب الصوفي الذي تنظمه الطرق الصوفية كل عام احتفالا بالعام الهجري والمولد النبوي،وخلال السطور التالية يستعرض"نيوز رووم"تاريخ الاحتفال بموكب الهجرة في مصر، بدقة وتحقيق تاريخي تطوّر الاحتفال بالعام الهجري، استنادًا إلى المخطوطات والمصادر الموثوقة، دون تهويل أو استناد إلى المرويات الضعيفة.

يقول الباحث الصوفي مصطفى زايد في تصريح لـ"نيوز رووم": في العصر الإسلامي الأول، قرر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 17هـ تنظيم التوثيق الرسمي للدولة عبر تقويم هجري يبدأ من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لم يكن في هذا القرار أي بُعد احتفالي، وإنما هو تنظيمي إداري بحت، كما ورد في كتب الطبري (تاريخ الأمم والملوك، ج3، ص 267) وابن الأثير . لم يرد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أو الخلفاء الراشدين أي إشارة إلى احتفال ببداية العام الهجري، ولا حتى بتبادل تهانٍ، ما يؤكد أن الفهم السائد للشهور الهجرية كان في إطارها الزمني دون رمزية احتفالية.

أضاف “زايد”: وفي العصر الأموي، استمر هذا التوجه، ظلت الشهور الهجرية تُستخدم في الإدارة والدواوين دون أن يرتبط بها طقس احتفالي، كما أثبت ابن كثير في "البداية والنهاية" ، مما يدل على أن المفهوم الروحي أو الاحتفالي لرأس السنة لم يكن قائمًا في تلك القرون الأولى.

لكن في العصر العباسي، بدأت بعض المظاهر الرمزية تظهر في بغداد وفق ما أورده ابن الجوزي في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم"، فكان الخليفة العباسي يحيي ليلة رأس السنة بقراءة شيء من القرآن والدعاء، لكن من دون إعلان عام أو مشاركة جماهيرية.و لم تذكر كتب الخطيب البغدادي (أي مواكب أو مواسم عامة.

تطور الموكب الصوفي في العصر المملوكي

وأكد الباحث الصوفي أن التطور الأبرز وقع في العصر المملوكي، خاصة في مصر ودمشق، حيث بدأت الدولة تعطي طابعًا رسميًا لبعض المناسبات، من بينها بداية العام الهجري والمقريزي في "السلوك لمعرفة دول الملوك"  أن سلاطين المماليك كانوا يعقدون مجالس دعاء وقراءة قرآن في القلعة ليلة أول محرم، يحضرها القضاة والعلماء، وتُختم بالدعاء للسلطان. رغم ذلك، لم تكن هناك مظاهر لمواكب شعبية، بل اقتصر الأمر على النخبة الرسمية والدينية.

التحول الجذري للموكب الصوفي في العصر العثماني

أضاف “زايد”:أما التحول الجذري، فكان في العهد العثماني، خاصة في اسطنبول، حيث تحوّلت المناسبات الدينية إلى مراسم سلطانية. بحسب الرحالة أوليا جلبي في "سياحت نامة" (ج5، ص 99)، كان موكب رأس السنة الهجرية يضم كبار رجال الدولة، وتُطلق فيه المدافع وتُتلى الأذكار. في مصر وبلاد الشام، كما يروي محمد كرد علي في "خطط الشام" (ج6، ص 201)، اقتصر الاحتفال على احتفال بسيط من الوالي وبعض القضاة، دون مظاهر مواكب عامة.

طقس شعبي لموكب الهجرة

تابع: وفي العصر الحديث، خاصة في القرن العشرين، تحوّلت المناسبة إلى طقس شعبي في بعض البلدان مثل مصر والمغرب وماليزيا. ظهرت المواكب الكبيرة، وخرجت الفرق الصوفية، وأُعلنت المناسبة إجازة رسمية، لكن كل ذلك لا يمتُّ إلى العصور الإسلامية الأولى بصلة. إنها تطورات ثقافية لاحقة، لها طابع إداري وشعبي أكثر منه ديني، إذ لم يرد في كتب السنة أو كتب التاريخ الموثوقة ما يربط رأس السنة الهجرية باحتفال شرعي أو سنة نبوية.
بهذا يتبين أن الاحتفال برأس السنة الهجرية، خصوصًا على شكل مواكب شعبية، هو أمر حادث في العصور المتأخرة، ويمثل تطورًا في الذوق الاجتماعي والرمزية السياسية أكثر مما يعكس نصًّا شرعيًا أو إرثًا نبويًا. وهو ما يجعل من المهم دائمًا التفريق بين العادة الاجتماعية والمشروعية الدينية، دون إنكار جمال بعض هذه التقاليد في بثّ روح الألفة والذكر والتقارب بين المسلمين، متى خلت من البدع والمغالاة.

تم نسخ الرابط