تحالف بصري بوجه واشنطن.. بوتين وشي ومودي يتشابكون بالأيدي في قمة شنجهاي

في قاعة مكتظة بالزعماء بمدينة تيانجين شرقي الصين، ظهر قادة الصين وروسيا والهند وهم متشابكو الأيدي، يتبادلون الابتسامات والضحكات في لحظة رمزية تحمل رسائل سياسية واضحة للعالم، هذا المشهد الذي تم تحديده بعناية، أراد الثلاثي من خلاله أن يعكس تكتلًا غير غربي في مواجهة الهيمنة الأميركية، رغم وجود تناقضات عميقة بين الدول الثلاثي في قمة شنجهاي
ووفقًا لتقرير "نيويورك تايمز"، بدأ المشهد برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهما يقتربان بثقة من الرئيس الصيني شي جين بينج، حيث صافحوا بعضهم البعض وتبادلوا كلمات سريعة قبل أن يتدخل المترجمون.
ارتسمت على وجوههم ابتسامات عريضة، حيث بدا بوتين مبتسمًا على نحو واسع، بينما انفجر مودي في ضحك، ليكتمل المشهد بأيديهم المتشابكة التي حملت دلالات سياسية متعددة.
رسالة مبطنة للبيت الأبيض
يُفسر المحللون هذا الحدث على أنه رسالة موجهة للبيت الأبيض، خاصة في ظل استمرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فرض سياسات تجارية صارمة وتطبيق تعريفات جمركية على الهند، ما دفع مودي إلى إظهار خيارات بديلة لنيودلهي، فيما استغل بوتين وشي الفرصة لتأكيد قيادتهما البديلة للنظام العالمي الذي تهيمن عليه واشنطن.
في افتتاحية قمة منظمة شنغهاي للتعاون، شن شي هجومًا غير مباشر على الولايات المتحدة، داعيًا إلى رفض "عقلية الحرب الباردة والمواجهات التكتلية والتنمر"، فيما تحدث مودي عن تعزيز التعددية وبناء نظام عالمي أكثر شمولاً، لتتلاقى بذلك رسائل مختلفة في نقطة مشتركة: الرغبة في إنهاء الهيمنة الأميركية.
وأكد الأستاذ المشارك في كلية لي كوان يو للسياسات العامة بالجامعة الوطنية في سنغافورة، ألفريد وو، أن شي جين بينغ يسعى بوضوح إلى تحدي النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية تحت قيادة الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن بكين تسعى لأن تكون البديل الشرعي والموثوق لهذا النظام.
غير أن الواقع خلف الكواليس يختلف، إذ تخشى الهند من محدودية روسيا الاقتصادية بسبب العقوبات الغربية، وتظل علاقتها مع الصين مشحونة بالخلافات الحدودية المستمرة، على الرغم من دعوات بكين لتجاوز هذه الخلافات، يدرك مودي أن محاولاته السابقة للتقارب مع شي لم تحقق سوى المزيد من الضغوط السياسية داخليًا.
وحاول الكرملين، استثمار هذه اللحظة لتعزيز صورته كشريك موثوق، حيث رافق بوتين مودي في سيارته الخاصة لاجتماع جانبي استمر خمسين دقيقة، وهي لحظة نادرة من الود العلني بين نيودلهي وموسكو وبكين، عكستها مشاركة مودي لصورة اللقاء على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي.
ويشير رئيس دراسات المحيطين الهندي والهادئ في مؤسسة تاكشاشيلا، مانوج كيوالراماني، إلى أن هذا البُعد البصري يحمل رسائل عميقة، محذرًا البيت الأبيض من أن سياساته الحالية تدفع دولًا كبرى إلى البحث عن بدائل خارج نطاق النفوذ الأميركي.
ومع ذلك، يدرك القادة الثلاثة أن مجرد الصور لن تخفي الانقسامات القائمة، حيث تنظر الصين بريبة إلى النفوذ المتزايد لروسيا في كوريا الشمالية، وتسعى لإعادة صياغة سرديات تاريخية تخدم مصالحها في بحر الصين الجنوبي وتايوان.
أما الهند، التي لطالما توازنت بين علاقاتها مع واشنطن وموسكو، فتجد نفسها مضطرة للانفتاح أكثر على الكتلة الشرقية بسبب السياسات العقابية الأميركية.