هل يجوز التسبيح أثناء مشاهدة التلفاز؟ الأزهري يجيب |خاص

أثار سؤال شائع بين جمهور المسلمين جدلًا حول جواز التسبيح وذكر الله أثناء الانشغال بمتابعة المسلسلات أو البرامج الترفيهية، حيث اعتاد كثير من الناس على حمل السبحة أو ترديد الأذكار في أوقات فراغهم.
في هذا السياق، أكد الشيخ عبده الأزهري، أحد علماء الأزهر الشريف، أن القرآن الكريم والسنة النبوية يحثان على كثرة ذكر الله عز وجل مع حضور القلب وخشوعه، مشددًا على أن ذلك لا يتوافق مع الانشغال بسماع الأغاني أو متابعة المسلسلات.
وأوضح الأزهري في تصريح خاص لـ"نيوز رووم" أن القرآن الكريم نصّ على الإكثار من الذكر، مستشهداً بقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.
ومشيرًا إلى قوله تعالى أيضًا:﴿ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً… وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ﴾.
حضور القلب شرط أساسي
وأضاف أن النبي ﷺ قال: «إن الله لا يقبل دعاءً من قلب لاهٍ»، وهو ما يؤكد أن حضور القلب شرط أساسي لقبول العمل وزيادة الأجر.
وتناول الشيخ الأزهري الجانب الشرعي لما يشمله محتوى بعض الأغاني والمسلسلات من مخالفات، حيث بين أن كثيرًا منها يتضمن لهو الحديث، مستشهدًا بالآية الكريمة:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾،
مؤكدًا أن بعض السلف فسروا لهو الحديث بالغناء، كما تحتوي تلك الأعمال على مشاهد تبرج وعلاقات محرمة وتمثيل للباطل، بالإضافة إلى أنها تشغل القلب وتصرفه عن ذكر الله.
واختتم الأزهري تصريحه بالتأكيد على أن الذكر عبادة تستلزم صفاء النفس وخشوع القلب، وأن الانغماس في متابعة الأغاني أو المسلسلات يؤدي إلى الغفلة، قائلاً: «إذا كان الذكر بلا حضور قلب فله أجر ناقص، أما أن يجتمع الذكر مع الغناء ومشاهدة الأفلام فهذا لا يستقيم مع توجيه القرآن والسنة».
ما حكم التسبيح باليد اليسرى..وهل لها نفس الأجر؟
قالت دار الإفتاء أن الأصل في اليد اليسرى في الوضع اللغوي أنها لمعاونة اليد اليمنى، وكل أمر في القرآن والسنة بالتسبيح إنما ورد على سبيل الإطلاق، ولم يرد ما يمنع التسبيح باليد اليسرى، ولا ما يخصص اليد اليمنى، بل ورد استعمال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدَه اليسرى في بعض العبادات.
كما أن اليدين وسيلة لضبط العدِّ؛ فيحصل العد باليمنى، ويحصل باليسرى، ويحصل بهما معًا، والأمر في ذلك واسع، وليس لأحد أن ينكر فيه على أحد، مع استحباب البدء باليمنى؛ لأن السنة حثت على التيامن.
الأصل في اليد اليسرى في الوضع اللغوي أنها لمعونة اليد اليمنى، ومن هنا جاء اشتقاقها من اليسر وهو بمعنى السهولة؛
ماذا يقول العلماء؟
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب": [اليسر في اللغة معناه: السهولة؛ ومنه يقال للغنى والسعة: اليسار؛ لأنه يسهل به الأمور، واليد اليسرى قيل: تلي الفعال باليسر، وقيل: إنه يتسهل الأمر بمعونتها اليمنى] .
وقال الإمام القرطبي في "تفسيره": [سميت اليد اليسرى تفاؤلًا، أو لأنه يسهل له الأمر بمعاونتها لليمنى] .
وقد جاء الأمر من الله تعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالتسبيح على وجه الإطلاق؛ ليشمل جميع الأوقات والأحوال والكيفيات، كما جاء الأمر في السنة النبوية بالتسبيح بعددٍ معين في بعض المواطن ولم يعين للناس كيفيةً لضبط العدِّ كَيْ يلتزموا بها وجوبًا دون غيرها، بل جاءت الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة الكرام -حاملي السُّنة وشاهدي الوحي- بالعدِّ بمختلف الكيفيات.
قال أبو الحسين البصري في "المعتمد" في أصول الفقه: [قد يدخل المكان في مثل الزمان في الأغراض وقد لا يدخلان فيه، فمتى علمنا كونهما غرضين اعتبرناهما وإلا لم نعتبر، أمثال ذلك: الوقوف بعرفة، وصوم شهر رمضان، وصلاة الجمعة، والزمان والمكان غرضان في هذه الأفعال؛ فاعتبرناهما في التأسي، ومثال الثاني: أن يتفق من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتصدق بيمناه في زمان مخصوص ومكان مخصوص فإنا نكون متأسين به إذا تصدقنا في غير ذلك المكان والزمان وباليد اليسرى، وإنما شرطُنا أن نفعل الفعل] .
وأخرج أبو داود والترمذي وحسَّنه والنسائي والحاكم وصححه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ»، زاد أبو داود: قَالَ ابن قُدامة -شيخ أبي داود في سند هذا الحديث: «بِيَمِينِهِ».
وهذه الزيادة تفرَّد بها محمد بن قدامة دون باقي من روى هذا الحديث وهم كثيرون، بعضهم يقول: «بِيَدِهِ»، وبعضهم يطلق القول بـ«يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ» ولا يزيد عليه.
وكلمة بيده اسم جنس يدخل فيه اليدُ اليمنى واليدُ اليسرى، وإنما يستحب أن يبتدئ المسبِّح في عده التسبيحَ باليد اليمنى؛ وذلك لما ورد في السنة الشريفة من استحباب التيامُن في الأمور كلها.