هل يشهد عام 2027 تصاعد المواجهة بين الصين وتايوان؟

أعلنت الصين لأول مرة عبر وسيلة إعلام رسمية أن هدف بناء جيش عالمي المستوى يعني السعي للوصول إلى تصنيف أقوى جيش في العالم، في خطوة وصفها محللون بأنها الأجرأ منذ انطلاق برنامج تحديث الجيش الصيني.
هذا التصريح الذي نشرته صحيفة الشعب اليومية في أغسطس، اعتبره مراقبون بمثابة إعلان مباشر عن دخول الصين في منافسة مفتوحة مع الولايات المتحدة، متجاوزة بذلك الشعارات التقليدية التي تحدثت عن "جيش يتناسب مع مكانة الدولة".
وفقًا لتقرير صادر عن "مؤسسة جيمس تاون"، فإن وراء هذا الخطاب الطموح تواجه الصين معادلة معقدة تجمع بين تسريع وتيرة تحديث قواتها المسلحة وترسيخ سيطرة الحزب الشيوعي عليها، في وقت تعاني فيه المؤسسة العسكرية من موجة تطهير داخلي واسعة هي الأكبر منذ عقود، مع تصاعد الشكوك حول تسلسل القيادة العسكرية.
جدول زمني مضغوط
ويهدف الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي سرّع خطوات تحديث الجيش منذ 2017 ضمن ما يعرف بـ"خطة الخطوات الثلاث"، لتحقيق قفزة نوعية بحلول عام 2027، وهو عام الذكرى المئوية لتأسيس القوات المسلحة.
ومع ذلك، اعترفت تقارير رسمية بوجود "فجوتين كبيرتين" بين قدرات الجيش الصيني والمعايير المتبعة لدى الجيوش المتقدمة، بالإضافة إلى "قدرتين غير كافيتين" في تلبية متطلبات الأمن القومي وخوض الحروب الحديثة.
وأوضح أحد الخبراء في الشؤون العسكرية الصينية أن هذا الاعتراف بالفجوات يعكس وعيًا داخل القيادة الصينية بأن اللحاق بالمعايير الأمريكية أو الروسية ليس مسألة موارد فقط، بل يمثل تحديًا زمنيًا وأمنيًا معًا.
الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة
تقوم الخطة الصينية بشكل كبير على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والأنظمة الذكية ضمن مفهوم "الجيش المؤتمت"، واصفة الصحيفة الرسمية ذلك بأنه "فرصة تاريخية لا تتكرر إلا مرة في القرن".
لكن من الناحية الأخرى يحذر محللون غربيون من أن الاعتماد السريع على تقنيات غير مستقرة قد يفتح ثغرات أمنية وعقائدية داخل الجيش نفسه، خصوصًا في حال عدم السيطرة الكاملة على استقلالية الأنظمة القتالية الذكية.
تايوان كاختبار مبكر
تزامن إعلان هذا الهدف مع رسالة واضحة موجهة إلى تايوان؛ ففي احتفالات ذكرى تأسيس الجيش، صرح وزير الدفاع دونج جون بأن القوات المسلحة الصينية "جاهزة لتحقيق الوحدة الكاملة وردع أي تدخل أجنبي".
ويرى خبراء أن هذه التصريحات المرتبطة بسباق "أقوى جيش في العالم" تشير إلى احتمال أن تكون تايوان ساحة الاختبار الأولى قبل عام 2027، مع تحذيرات أمريكية من احتمال تحرك عسكري صيني في هذا الصدد، ما يزيد من حدة التوترات الإقليمية.
أزمة ثقة داخل الجيش
على الرغم من الخطاب الواثق، تكشف سلسلة من التغييرات في المناصب العليا بالجيش الصيني منذ 2023، ومنها إقالة قادة بارزين في لجنة العمل السياسي، عن أزمة ثقة عميقة داخل المؤسسة العسكرية.
ويقول محللون إن حملة مكافحة الفساد قد تخفي في جوهرها محاولة لإعادة هيكلة تهدف إلى تعزيز الولاء الشخصي للرئيس شي جين بينغ، أكثر مما هي إصلاح إداري بحت.
ويتضح من تشديد الحزب الشيوعي على "القيادة المطلقة" على الجيش خشية حقيقية من أن تنامي القدرات العسكرية قد لا يقابله ولاء سياسي كامل، مما يجعل السيطرة الداخلية ركيزة أساسية إلى جانب الطموح العسكري الخارجي.
رسالة مزدوجة لبكين
يبدو أن بكين تسعى لإيصال رسالة مزدوجة: من جهة، طمأنة الداخل بإبراز تفوق قيم لجيشها مقارنة بالجيوش الغربية التي تصفها بالإمبريالية، ومن جهة أخرى، تحذير خارجي بأنها تتجه بسرعة نحو منافسة الولايات المتحدة عسكريًا.
ورغم ذلك، يؤكد خبراء أن التحدي الأكبر يكمن في قدرة الصين على تحقيق توازن دقيق بين طموحاتها التكنولوجية وتحدياتها الأمنية الداخلية، مع اقتراب العد التنازلي لعام 2027.