حقيقة صورة آبي أحمد أمام سد النهضة في لقاء تليفزيوني

نشرت إحدى وسائل الإعلام المحسوبة على تنظيم الإخوان صورة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال مقابلة تليفزيونية أمام سد النهضة، زاعمة أن اللقاء جرى في أغسطس 2025، في محاولة واضحة لاستثارة الرأي العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالفحص تبين أن المقابلة المصورة تعود إلى أغسطس من عام 2017، وفق ما أكدته هيئة الإذاعة الإثيوبية على موقعها الرسمي، التي قامت بالحوار معه، ويأتي تداول الصورة القديمة في هذا التوقيت ضمن حملة إعلامية معادية تهدف إلى تأجيج المشاعر، خاصة في ظل تصاعد الجدل حول مشروع سد النهضة.
خبراء: إعلان اكتمال سد النهضة تجاهل لمبادئ القانون الدولي
وكان قد قال الباحث في الشؤون العربية والإفريقية علي فوزي إن إعلان آبي أحمد مؤخرًا اكتمال مشروع السد، محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع، وتجاهل لمبادئ القانون الدولي وحسن الجوار.
وأوضح فوزي، في تصريحات خاصة لموقع نيوزرووم، أن حديث رئيس الوزراء الإثيوبي عن عدم تضرر سد أسوان من مشروع سد النهضة يتسم بازدواجية الخطاب، حيث يظهر نبرة تعاونية في العلن، بينما يرفض التوقيع على اتفاق قانوني وملزم بشأن آليات الملء والتشغيل، وهو لبّ الخلاف منذ انطلاق المشروع في 2011.
وأضاف أن أديس أبابا استخدمت السد كأداة سياسية لتجاوز أزماتها الداخلية، مشيرًا إلى الانهيار الاقتصادي، وتصاعد الدين الخارجي، وارتفاع معدلات التضخم، إلى جانب تفجر الصراعات المسلحة في إقليمي الأمهرا والأورومو، معتبرًا أن دعوة آبي أحمد لحضور افتتاح السد ما هي إلا حملة ترويجية لتلميع صورة الحكومة محليًا في ظل الانتقادات المتزايدة.
وشدد الباحث على أن الادعاءات بعدم تأثر مصر بالمشروع باطلة من الناحية العلمية والاستراتيجية، محذرًا من أن الخطر الحقيقي يكمن في تقليص قدرة القاهرة على إدارة تدفقات مياه النيل، وغياب التنسيق في أوقات الجفاف، وافتقاد آلية قانونية ملزمة لحل النزاعات المستقبلية.
وأكد فوزي أن مصر لا تمانع التنمية في إثيوبيا، لكنها ترفض أن يكون ذلك على حساب أمنها المائي، مشددًا على أن استمرار الاحتفالات لا يعفي أديس أبابا من الالتزام بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم، يضمن الحقوق التاريخية لدول المصب ويوقف التصعيد.
من جانبه، قال الدكتور محمد عثمان، الباحث في العلاقات الدولية، إن دعوة آبي أحمد لمصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة ما هي إلا محاولة استفزازية تهدف إلى تحسين صورة إثيوبيا أمام المجتمع الدولي، في ظل فشلها في إدارة ملف التفاوض بشكل جاد على مدار سنوات.
وأشار عثمان في حديث لنيوز رووم إلى أن إثيوبيا مستمرة في اتباع سياسة فرض الأمر الواقع وكسب الوقت، مضيفًا أن الخطاب الإثيوبي يكشف عن عدم نية حقيقية للتوصل إلى حلول تحفظ حقوق مصر والسودان.
وكان آبي أحمد قد أعلن رسميًا عن اقتراب اكتمال بناء السد بنسبة تجاوزت 98.9%، موجها دعوة رسمية لكل من مصر والسودان لحضور حفل الافتتاح المقرر في سبتمبر المقبل.
وفي كلمته أمام البرلمان الإثيوبي، زعم أن المشروع يعود بالنفع على الجميع، قائلاً إن "سد النهضة يمثل نعمة لدول المصب وليس تهديدًا"، مؤكدًا أن إثيوبيا لا تسعى إلى الإضرار بأي طرف، وأن السد سيساهم في توليد الطاقة وتحقيق التنمية المشتركة.
وختم آبي أحمد بدعوة متجددة إلى الحوار، قائلاً: "نمد أيدينا مجددًا للتعاون، ونأمل في مشاركة مصر والسودان في حفل الافتتاح، تأكيدًا لروح الأخوة بين شعوب حوض النيل".
لكن رغم هذه الدعوات العلنية، فإن الواقع الميداني والدبلوماسي يُظهر استمرار غياب الإرادة السياسية الإثيوبية للتوصل إلى تسوية عادلة وملزمة تضع حدًا للأزمة الممتدة منذ أكثر من عقد.