ما حكم الوضوء للنوم أو الطعام أو معاودة الجماع؟.. الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء أن الوضوء قبل النوم، أو عند الأكل والشرب، أو عند الرغبة في معاودة الجماع مع الزوجة، يُعد من السُّنن المستحبة عند جمهور الفقهاء، وليس من الواجبات الملزِمة
فضل الوضوء
للوضوء مكانة عظيمة وفضائل كثيرة جاءت بها النصوص الشرعية؛ فهو سبب لنيل محبة الله عز وجل، ولا نعمة أعظم من أن يكون العبد محبوبًا عند ربه، قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222].
كما أن الوضوء سبب لمغفرة الذنوب؛ فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن، غسل وجهه، خرجت كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرجت كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب».
الوضوء للنوم أو الطعام أو معاودة الجماع
جاءت السنة النبوية تحثّ على الوضوء قبل النوم، فقد ورد في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فإن متّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلها آخر ما تقول».
وقد علّق ابن بطال في شرح صحيح البخاري أن الوضوء عند النوم مستحب؛ لأنه قد يكون آخر عمل العبد قبل قبض روحه، فيختم وضوءه بدعاء هو من أفضل الأعمال.
أما الشوكاني فبيّن في نيل الأوطار أن ظاهر الحديث يدل على استحباب الوضوء لكل من أراد النوم، ولو كان على طهارة سابقة.
آراء الفقهاء
جمهور الفقهاء حملوا الأوامر الواردة في الأحاديث على الاستحباب لا الوجوب؛ فالوضوء قبل النوم أو الأكل أو الشرب أو معاودة الجماع سنة وليس فرضًا، لأن الطهارة إنما وجبت في مواضع التعظيم كالصلوات، بينما هنا الغاية هي النظافة والتهيؤ. وذهب أهل الظاهر إلى القول بوجوبه.
• الحنفية: ذكر الطحطاوي أن الوضوء للجنب عند الأكل أو الشرب أو النوم أو معاودة الجماع مندوب.
• المالكية: قال ابن القاسم إن الإمام مالك كان يأمر الجنب ألا ينام حتى يتوضأ وضوءه كاملًا.
• الشافعية: نص الخطيب الشربيني على أنه يُسنّ للجنب غسل الفرج والوضوء قبل الأكل أو الشرب أو النوم أو الجماع.
• الحنابلة: قال البهوتي إن الوضوء للجنب عند النوم أو معاودة الجماع سنة، مستدلًّا بحديث: «إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ».
الأدلة من السنة
• عن عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة» (رواه مسلم).
• وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما: «رخّص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة» (رواه أحمد والترمذي).
• وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أيَنام أحدنا وهو جنب؟ فقال: «نعم، إذا توضأ» (متفق عليه).
• جمهور العلماء: يرون أن الوضوء في هذه الأحوال سنة مؤكدة وليس واجبًا.
• أهل الظاهر: أخذوا بظاهر الأمر النبوي، فأوجبوا الوضوء قبل النوم للجنب.
• الترجيح: الأحاديث التي ورد فيها فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدل على أن الأمر للاستحباب لا للوجوب، والجمع بين النصوص يبين أن الوضوء هنا من باب الكمال والتهيؤ، لا من باب الفرض والإلزام