عاجل

ما حكم نشر ومشاركة "البلوجر" للمقاطع غير الأخلاقية؟

نشر المحتوى
نشر المحتوى

أكدت دار الإفتاء المصرية أن  ما يقوم به بعض صناع المحتوى المعرُوفين بـ “البلوجرز” من نشر مقاطع غير أخلاقية عبر منصات الإعلام الرقمي بغرض تحقيق التفاعل وزيادة الانتشار، يُعَدُّ أمرًا محرَّمًا شرعًا ومُجرَّمًا قانونًا؛ إذ يندرج تحت باب إشاعة الفاحشة في المجتمع، وهي جريمة رتب الشرع عليها عقوبات جسيمة، فضلًا عن كونها تتنافى تمامًا مع مبدأ الستر الذي أمر به الإسلام.

وتؤكد دار الإفتاء المصرية على ضرورة وعي أولياء الأمور بمخاطر هذا النوع من المحتوى الذي يُروَّج في صورة ترفيهية زائفة، مع العمل على تحصين الأبناء وتوجيههم نحو بدائل آمنة وهادفة من وسائل الترفيه التي تتفق مع القيم والأخلاق

التكنولوجيا بين النفع والضوابط الشرعية

التطور التكنولوجي الهائل بات ضرورة لا غنى عنها لتحقيق التقدم والمنفعة في شتى المجالات، وهو أمر لا يتعارض مع تعاليم الإسلام الذي يشجع على الاستفادة من كل ما يحقق الخير للبشرية. غير أن هذه الاستفادة يجب أن تكون منضبطة بضوابط الشريعة الإسلامية التي تضع قواعد لحماية كرامة الإنسان وصيانة خصوصيته.
أما استخدام التكنولوجيا في التجسس على الناس، أو تتبع أسرارهم، أو نشر ما يهدد استقرار المجتمع وقيمه الأخلاقية؛ فهو انحراف عن الهدف الصحيح وتحويل الأداة النافعة إلى وسيلة هدم وإفساد.

خطورة المحتوى الخارج عن القيم

مع الانتشار الواسع للإعلام الرقمي وسرعة تأثيره، ظهرت أنماط من المحتوى تتجاوز القيم والآداب المجتمعية، ومنها ما يقدمه بعض صناع المحتوى أو ما يُعرف بـ “البلوجرز” (Blogger). فالبعض منهم يعتمد على نشر فضائح أخلاقية أو مقاطع مثيرة للجدل بغرض جذب التفاعل، سواء بالتعليقات أو الإعجابات أو المشاركات. هذه الظاهرة تشبه في آثارها السلبية تجارة المخدرات، من حيث سرعة الانتشار وإحداث الإدمان وضررها البالغ على الأفراد والمجتمع.

التحذير من إشاعة الفاحشة

نشر المقاطع غير الأخلاقية صورة من صور إشاعة الفاحشة التي حذر منها القرآن الكريم في قوله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [النور: 19].
والآية عامة تشمل كل من يساهم في إشاعة الفاحشة بأي صورة. وقد ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “القائل الفاحشة والذي يشيع بها في الإثم سواء”.
كما شدد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على خطورة هذا الفعل، فقال: «أيما رجل أشاع على رجل مسلم بكلمة هو منها بريء… كان حقًا على الله أن يذيبه يوم القيامة في النار».

قيمة الستر في الإسلام

الإسلام حث على الستر وحرم كشف العورات أو نشر الفضائح. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة». كما أوضح العلماء أن الأصل في المسلم إذا ابتُلي بمعصية أن يستتر ويستغفر، لا أن يفضح نفسه أو غيره.
فالشرع يؤكد أن إشاعة الفاحشة والإفصاح عن المعصية كلاهما محرم؛ لأنهما يهدمان قيمة الستر التي تقوم عليها العلاقات الإنسانية السليمة.

حفظ الأمانة وعدم إفشاء الأسرار

إذا ائتمن شخص غيره على سر ثم أفشاه، فقد ارتكب خيانة صريحة؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 34].
بل اعتبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أشد الناس سوءًا يوم القيامة من يفشي سر زوجته أو تفضي هي إليه ثم ينشره. وهذا يؤكد أن نشر الأسرار – سواء بالتصريح أو التلميح – أمر محرم شرعًا ويجر وراءه فضيحة لصاحبه.

الغيبة بصورها الرقمية

نشر الفضائح أو المقاطع المسيئة عبر الإنترنت يدخل في باب الغيبة المحرمة، لأنها تتضمن ذكر الإنسان بما يكره أن يُذكر به، سواء بالكلام المباشر أو بالإشارة أو بالصور.

البعد القانوني في مصر

ولم يقتصر الأمر على التحريم الشرعي، بل أدرجه المشرّع المصري ضمن الجرائم المعلوماتية. فجاء القانون رقم 175 لسنة 2018م لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث نصت المادة (25) على معاقبة من ينتهك خصوصية الغير أو ينشر صورًا أو معلومات تخصهم دون إذنهم بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه. كما شددت المادة (26) العقوبة لتصل إلى الحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وغرامة تصل إلى ثلاثمائة ألف جنيه لكل من تعمد ربط بيانات شخصية بمحتوى منافٍ للآداب العامة أو ماسّ بالشرف

تم نسخ الرابط