«نعمت البدعة هذه».. دار الإفتاء: ليس كل ما استُحدث في الدين مذموم
أكدت دار الإفتاء المصرية أن البدعة في الدين ليست على إطلاقها مذمومة كما يظن البعض، بل إن النصوص الشرعية وأقوال أئمة الفقه بيَّنت أن ما يُحدثه المسلمون بعد عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان موافقًا لأصول الشريعة ومقاصدها فإنه يكون مشروعًا، وقد يكون مندوبًا أو واجبًا، بينما المذموم هو ما خالف الشرع وأصوله.
البدعة قد تكون واجبة أو مندوبة أو مباحة
وأوضحت الدار –في بيان لها– أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رواه مسلم، وهذا يفيد أن ما أُحدث مما هو من جنس الشرع فهو مقبول، مثل ما فعله الخليفة الراشد سيدنا عثمان رضي الله عنه حين أضاف الأذان الثاني يوم الجمعة، وما فعله سيدنا عمر رضي الله عنه من جمع الناس على صلاة التراويح في رمضان، واصفًا ذلك بقوله: "نعمت البدعة هذه".
وبيّنت دار الإفتاء أن العلماء قسّموا البدعة إلى الأحكام التكليفية الخمسة: فمنها الواجبة كالاشتغال بعلم النحو لفهم القرآن والسنة، ومنها المندوبة كإنشاء المدارس، ومنها المباحة مثل بعض العادات الاجتماعية، ومنها المكروهة كزخرفة المساجد، ومنها المحرمة كمذاهب الخوارج والجماعات المنحرفة. وهذا ما قرره الإمام العز بن عبد السلام والإمام النووي وابن حجر وغيرهم من كبار العلماء.
وأشارت الدار إلى أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» يُحمل على ما أُحدث على خلاف أصول الدين ومقاصده، وليس على كل ما هو جديد في حياة المسلمين؛ إذ لو كان كذلك لضاقت معايش الناس وتعطلت مصالحهم.
وأضاف البيان أن كثيرًا من الأئمة –كالشافعي والغزالي وابن الأثير– ميّزوا بين البدعة الحسنة التي توافق الشرع وتحقق مصلحة للمسلمين، وبين البدعة السيئة التي تهدم أصلًا من أصول الدين. ومن هذا المنطلق اعتُبرت صلاة التراويح جماعةً أو جمع المصحف في مصحف واحد أو وضع قواعد لعلوم العربية والفقه من البدع الحسنة التي أثنى عليها العلماء.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن المذموم من البدع هو ما يصادم أصول الشريعة أو يأتي بما لا أصل له في الدين، أما ما يوافق روح الإسلام ويخدم مقاصده فهو من الأمور المشروعة، داعيةً إلى الفهم الصحيح للنصوص الشرعية وعدم الانسياق وراء دعاوى تضييق الدين أو سد باب الاجتهاد.
