لجنة التسعير التلقائي تستعد لتحديد أسعار البنزين والسولار.. التفاصيل كاملة

يترقب الشارع المصري والمحللون الاقتصاديون على حد سواء، باهتمام بالغ، الأسبوع الأول من شهر أكتوبر 2025، ففي هذا التوقيت، ستعقد لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية اجتماعها الدوري الذي طال انتظاره، لتحديد أسعار البنزين والسولار للربع الأخير من العام؛ فهو يأتي بعد قرار حكومي بتثبيت الأسعار لمدة ستة أشهر متتالية، وفي ظل تقلبات حادة شهدتها أسواق النفط العالمية، مما يجعل نتائجه محورية للمواطن والاقتصاد على حد سواء.
ما هي لجنة التسعير التلقائي؟
لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية هذه اللجنة أصبحت حديث الساعة كل ثلاثة أشهر، وتم تشكيلها في عام 2019، كجزء من خطة أوسع للإصلاح الاقتصادي تهدف إلى ربط أسعار الوقود في السوق المحلي بالأسعار العالمية، وتخفيف العبء الثقيل لدعم الطاقة عن كاهل الموازنة العامة للدولة.
تضم اللجنة في عضويتها ممثلين عن وزارتي البترول والثروة المعدنية والمالية، بالإضافة إلى هيئات أخرى معنية، وتتمثل مهمتها الأساسية في تطبيق آلية واضحة ومحددة لمراجعة أسعار المنتجات البترولية بشكل دوري، بما يعكس التغيرات في أهم محددات التكلفة، وهي أسعار النفط العالمية وسعر صرف العملة الأجنبية.
كيف يتم حساب التكلفة؟
لا يتخذ قرار اللجنة بناءً على تكهنات أو انطباعات، بل يستند إلى معادلة رياضية واضحة، تأخذ في الحسبان ثلاثة متغيرات رئيسية على مدار الربع السنوي السابق للاجتماع (في هذه الحالة: يوليو، أغسطس، سبتمبر 2025):
متوسط سعر خام برنت: يعتبر خام برنت هو المعيار القياسي الذي تستخدمه مصر في تسعير وارداتها من النفط الخام والمنتجات المكررة، تقوم اللجنة بحساب متوسط سعر البرميل طوال التسعين يومًا الماضية، وهذا يعني أن الانخفاض أو الارتفاع المفاجئ في الأسعار خلال أسبوع أو أسبوعين قد لا يكون له تأثير كبير، فالعبرة بالمتوسط العام للفترة بأكملها.
متوسط سعر صرف الدولار مقابل الجنيه: بما أن مصر تستورد جزءًا كبيرًا من احتياجاتها البترولية، فإن سعر صرف الدولار يلعب دورًا محوريًا في التكلفة النهائية، وكما هو الحال مع النفط، يتم احتساب متوسط سعر الصرف خلال الربع السنوي بأكمله.
التكاليف الثابتة والأعباء الأخرى: يضاف إلى المعادلة مجموعة من التكاليف الأخرى التي تشمل تكلفة التكرير، ورسوم النقل والتداول، وتكاليف التوزيع عبر محطات الوقود، بالإضافة إلى هامش ربح بسيط لشركات التوزيع.
بعد جمع هذه البيانات، يتم الوصول إلى رقم يمثل التكلفة الفعلية لبيع لتر الوقود، وبناءً على مقارنة هذه التكلفة بالسعر الحالي المطبق في المحطات، تتخذ اللجنة قرارها، مع الالتزام بقاعدة أساسية وهي أن نسبة التغيير، سواء بالزيادة أو الخفض، لا تتجاوز 10% في المراجعة الواحدة، إلا في الحالات الاستثنائية التي تتطلب موافقات أعلى.
لماذا يكتسب اجتماع أكتوبر 2025 أهمية خاصة؟
يكمن ثقل هذا الاجتماع في عاملين رئيسيين:
انتهاء فترة التثبيت الاستثنائية: في أبريل 2025، اتخذت الحكومة قرارًا بتثبيت أسعار الوقود لمدة ستة أشهر حتى نهاية سبتمبر، بدلاً من الدورة المعتادة البالغة ثلاثة أشهر، جاء هذا القرار بهدف امتصاص جزء من الضغوط التضخمية العالمية وتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين.
ومع انتهاء هذه الفترة، يصبح اجتماع أكتوبر هو الأول الذي سيعيد تقييم الوضع بناءً على متغيرات نصف عام كامل، مما يفتح الباب أمام احتمالية حدوث تغيير سعري ملموس.
تراجع أسعار النفط العالمية: شهدت أسعار خام برنت تراجعًا ملحوظًا في الأسابيع التي سبقت الاجتماع، هذا التراجع بث حالة من التفاؤل في الشارع المصري بإمكانية صدور قرار بخفض الأسعار.
ومع ذلك، يبقى القرار النهائي مرهونًا بمدى قوة هذا الانخفاض وقدرته على خفض المتوسط العام للربع الثالث بأكمله، والذي قد يكون شهد فترات ارتفاع في بدايته.
السيناريوهات الثلاثة المطروحة على الطاولة
بناءً على المعطيات السابقة، تقف اللجنة أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة:
سيناريو خفض الأسعار: هو السيناريو الذي يأمله المستهلكون، ويتحقق هذا السيناريو في حال كان متوسط سعر خام برنت وسعر صرف الدولار خلال الربع الثالث أقل بشكل واضح من المتوسطات التي تم على أساسها تحديد الأسعار في أبريل الماضي، وبما يسمح بتمرير هذا الانخفاض للمستهلك النهائي.
سيناريو تثبيت الأسعار: قد تلجأ اللجنة إلى هذا الخيار كحل وسط، يمكن أن يحدث ذلك إذا كان الانخفاض في متوسط سعر النفط طفيفًا، أو إذا قابله ارتفاع طفيف في سعر الصرف أو التكاليف الأخرى، مما يجعل الفارق لا يبرر التغيير، كما قد يكون خيارًا استراتيجيًا للحكومة للحفاظ على استقرار الأسعار في ظل استمرار التحديات الاقتصادية.
سيناريو رفع الأسعار: هو السيناريو الأقل ترجيحًا في ظل تراجع النفط العالمي، لكنه يبقى قائمًا، قد يحدث إذا كانت متوسطات التكلفة للربع الثالث، رغم التراجعات الأخيرة، لا تزال أعلى من المستويات التي تم التسعير على أساسها آخر مرة، أو إذا رأت الدولة ضرورة تسريع وتيرة رفع الدعم لتحقيق مستهدفات الموازنة.