أفضل أيام العام وليلة القدر.. وصية نبوية لاستثمار العشر الأواخر من رمضان

تشهد الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان مكانة عظيمة في الإسلام، حيث أخبرنا النبي ﷺ أنها أفضل أيام السنة، تمامًا كما تُعد ليلة القدر أفضل ليالي السنة. وقد أشار الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى هذه الحقيقة، مؤكدًا على ضرورة اغتنام هذه الأيام المباركة في العبادة والطاعات، والاستفادة من نفحاتها الروحانية.
فضل العشر الأواخر من رمضان
تُعتبر هذه الأيام فرصة عظيمة للمسلمين للاقتراب من الله تعالى، إذ تتنزل فيها الرحمات وتُرفع الدرجات، ويعتق الله فيها عباده من النار. وقد كان النبي ﷺ يخصّها بمزيدٍ من الاجتهاد في العبادة، فقد ورد في الحديث الشريف عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان النبي ﷺ إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" (متفق عليه)، مما يدل على حرصه على استثمار هذه الأيام المباركة بأقصى درجات الإخلاص والتقرب إلى الله.
ليلة القدر.. الليلة المباركة
ومن أعظم ما يميز العشر الأواخر وجود ليلة القدر، التي وصفها الله في القرآن الكريم بأنها "خير من ألف شهر"، أي أن العبادة فيها تعادل عبادة أكثر من 83 عامًا. وتتميز هذه الليلة بالسكينة والسلام، حيث قال الله تعالى في سورة القدر: "سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ" (القدر: 5).
وقد حثّ النبي ﷺ على تحريها في الليالي الوترية من العشر الأواخر، فقال: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" (متفق عليه)، مما يجعل هذه الليالي محطة إيمانية يجب على المسلم أن يغتنمها بالتضرع والدعاء، لاسيما بدعاء النبي ﷺ:
"اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني" (رواه الترمذي).
كيفية استثمار العشر الأواخر من رمضان؟
يوصي العلماء المسلمين بالاجتهاد في العشر الأواخر عبر عدة أعمال صالحة، من أبرزها:
1. الإكثار من الصلاة وقيام الليل، فقد كان النبي ﷺ يجتهد في هذه الأيام أكثر من غيرها.
2. الاعتكاف في المساجد، وهو سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، حيث كان يعتكف في المسجد في العشر الأواخر طلبًا لليلة القدر.
3. قراءة القرآن الكريم، فهو شهر القرآن، ومن الواجب تكثيف قراءته وتدبر معانيه.
4. الإكثار من الذكر والاستغفار، لما لذلك من أثر في تطهير القلب وزيادة الحسنات.
5. إخراج الصدقات ومساعدة المحتاجين، وهو عمل عظيم يضاعف الأجر في هذه الأيام المباركة.
6. الدعاء والتضرع إلى الله، خاصة بالدعاء المأثور عن النبي ﷺ، وطلب المغفرة والرحمة.
فرصة لا تُعوّض
يحرص المسلمون في مختلف أنحاء العالم على استغلال العشر الأواخر من رمضان بأفضل صورة، أملًا في الفوز برضوان الله ومغفرته، خاصة مع اقتراب ليلة القدر، التي تُعد فرصة عظيمة لمحو الذنوب وزيادة الحسنات.
وقد أوضح الدكتور علي جمعة إلى أهمية أن يكون للمسلم خطة واضحة لاستثمار هذه الأيام، وعدم إضاعتها في اللهو أو الانشغال بأمور الدنيا، مؤكدًا أن من أدرك هذه الأيام ولم يغتنمها فقد ضيّع فرصة عظيمة لن تعوض.
العشر الأواخر من رمضان كنزٌ ثمين، ومنحة ربانية، وفرصة ذهبية يجب أن نستغلها بحرص، فالعمر يمضي سريعًا، وقد لا تُتاح لنا الفرصة لبلوغ رمضان آخر. فلنجتهد جميعًا، ونقتدي بالنبي ﷺ في عبادته وسننه، لعلنا نكون من عتقاء الله في هذا الشهر الكريم.