ردا على الجدل «السلفى» السنوى .. دار الإفتاء تؤكد يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا
مع اقتراب عيد الفطر المبارك، يتجدد الجدل كل عام حول حكم إخراج زكاة الفطر نقدًا، إذ يرى البعض وجوب إخراجها من الأصناف التي وردت في الأحاديث النبوية، بينما يرى آخرون أن إخراجها نقدًا أكثر نفعًا للفقراء. وفي هذا الإطار، أكدت دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" أنه يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا، موضحةً أن المقصد الشرعي من الزكاة هو تحقيق الكفاية للمحتاجين، وهو ما يمكن تحقيقه بالمال في العصر الحالي بصورة أفضل من الحبوب.
دار الإفتاء تستشهد بالسنة النبوية
استشهدت دار الإفتاء المصرية بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذا الْيَوْمِ»، الذي رواه ابن سعد في "الطبقات" والدارقطني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، مؤكدةً أن الإغناء في زمن النبي كان يتحقق بالطعام، لكنه اليوم يتحقق بالنقد، نظرًا لتغير طبيعة الحياة ومتطلبات المعيشة.
وأضافت الدار، أن تحديد بعض أصناف الحبوب في الأحاديث النبوية لم يكن للحصر، وإنما جاء بغرض التيسير على المسلمين، خاصةً أن التعامل في ذلك الوقت كان يعتمد على السلع العينية أكثر من النقود، وبالتالي، يمكن إخراج زكاة الفطر نقدًا إذا كانت القيمة المالية تحقق الغرض الأساسي وهو سد حاجة الفقير وإغناؤه عن السؤال.
فتوى تحسم الجدل حول إخراج زكاة الفطر نقدًا
جاءت هذه الفتوى ردًّا على من يشككون في إخراج زكاة الفطر نقدًا، بحجة أن النبي لم يذكر المال صراحةً ضمن الأصناف المحددة. لكن دار الإفتاء أوضحت أن الأحكام الشرعية تراعي تغير الأحوال والأعراف، وأن الهدف الأساسي من زكاة الفطر هو تحقيق منفعة الفقراء والمساكين، وليس التقيّد بنوع معين من الطعام.
وأشارت دار الافتاء، إلى أن الفقير اليوم قد يكون أكثر احتياجًا للنقود بدلًا من الحبوب، حيث يمكنه استخدامها في شراء ما يلزمه من احتياجات ضرورية مثل الملابس أو الدواء أو غيرها، مما يجعل إخراجها نقدًا أكثر تحقيقًا للمصلحة الشرعية.
لماذا يفضل الفقراء المال عن الحبوب؟
في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، بات واضحًا أن إعطاء الفقراء المال يتيح لهم حرية شراء ما يحتاجونه وفقًا لظروفهم، بدلًا من إلزامهم بسلع معينة قد لا تكون مفيدة لهم بشكل مباشر. فقد يحتاج البعض إلى دفع إيجار المسكن، أو شراء دواء ضروري، أو حتى توفير مستلزمات أساسية لأسرهم، وهو ما لا يمكن تحقيقه إذا كانت الزكاة مقتصرة على الحبوب فقط.
وبالتالي، فإن إخراج زكاة الفطر نقدًا يمنح الفقراء مرونة في تلبية احتياجاتهم الحقيقية، بدلًا من أن يضطروا إلى بيع الحبوب بسعر أقل من قيمتها النقدية.
متى يجب إخراج زكاة الفطر؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن وقت إخراج زكاة الفطر يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان وحتى قبل صلاة عيد الفطر، مؤكدةً أنه يجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لمن أراد التعجيل. كما دعت المسلمين إلى المسارعة في إخراج الزكاة وعدم تأخيرها حتى لا تفوت فائدتها على الفقراء والمحتاجين.
أهمية الفتوى في تيسير الزكاة على المسلمين
تحظى هذه الفتوى بأهمية كبيرة، خاصةً مع ارتفاع الأسعار وتغير احتياجات الفقراء، حيث يمكنهم من خلال المال شراء ما يناسبهم بدلًا من الاكتفاء بأنواع محددة من الحبوب.
وأكدت دار الإفتاء، أن الأصل في الزكاة هو التيسير على المسلمين وتحقيق مصلحة الفقراء، داعيةً الجميع إلى الالتزام بإخراج زكاة الفطر في موعدها، سواء كانت طعامًا أو مالًا، وفقًا لما يحقق المصلحة للمستحقين، لأن الهدف الأسمى للزكاة هو إدخال الفرحة على قلوب الفقراء في يوم العيد.
