قانون الإيجار القديم.. زياد بهاء الدين يكشف أسباب التعديلات وخطوات التنفيذ

في ظل الجدل الكبير المثار حول قانون الإيجار القديم وما شهده من تعديلات جوهرية في الفترة الأخيرة، خرج الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق وأحد أبرز رجال القانون والاقتصاد في مصر، عبر برنامج "حضرة المواطن" الذي يقدمه الإعلامي سيد علي على قناة الحدث اليوم، ليوضح للرأي العام الخطوط العريضة لكيفية تطبيق القانون بعد التعديلات، وما إذا كانت هذه الخطوات قادرة على تحقيق التوازن بين المالك والمستأجر، وإنهاء النزاع الممتد منذ عقود طويلة.
خلفية تاريخية
أوضح الدكتور زياد بهاء الدين أن قانون الإيجار القديم كان في الأساس استجابة لظروف اجتماعية واقتصادية عاشتها مصر خلال فترات تاريخية سابقة، حيث سعى المشرّع في حينها إلى حماية المستأجرين من ارتفاعات الأسعار المفاجئة وتخفيف أعباء السكن على محدودي الدخل، ولكن بمرور الزمن، أصبح القانون غير متوافق مع التغيرات الاقتصادية وارتفاع قيمة العقارات، مما خلق فجوة ضخمة بين القيمة السوقية للوحدات السكنية وقيمة الإيجارات الرمزية التي يدفعها المستأجرون.
ولفت الي أن هذا الوضع كان يمثل ظلماً للمالك وامتيازاً مبالغاً فيه للمستأجر، الأمر الذي دفع البرلمان والحكومة إلى إعادة النظر في التشريع بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية.
أبرز ملامح تعديلات قانون الإيجار القديم
وأشار نائب رئيس الوزراء الأسبق إلى أن التعديلات الأخيرة لم تكن عشوائية، بل جاءت بعد حوار مجتمعي طويل شارك فيه خبراء قانون واقتصاد ونواب البرلمان وممثلون عن الملاك والمستأجرين.
وجاءت التعديلات لترسم خارطة طريق تدريجية تنظم العلاقة بين الطرفين دون الإضرار بحقوق أي منهما ، ومن أهم الملامح:
زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية على مدى زمني محدد حتى تصل إلى مستوى عادل يتناسب مع طبيعة العقار وموقعه.
تحرير العلاقة الإيجارية في حالات معينة مثل الوحدات غير السكنية أو انتهاء الامتداد القانوني.
مراعاة الحالات الاجتماعية الخاصة من كبار السن أو الأسر محدودة الدخل، لضمان عدم تشريد أي مستأجر غير قادر على تحمل الزيادة.
إعطاء فترة انتقالية تسمح للمستأجر بالتأقلم مع التغيرات وتجنب الصدمات الاقتصادية المفاجئة.
كيف يتم تطبيق القانون عملياً على أرض الواقع؟
وأكد بهاء الدين أن نجاح أي تشريع لا يعتمد فقط على نصوصه، بل على آليات تطبيقه، وقد أوضح أن الحكومة وضعت خطة محكمة لتطبيق التعديلات تشمل:
إلزام جميع الملاك والمستأجرين بتسجيل عقود الإيجار الجديدة في الشهر العقاري لتوثيق العلاقة القانونية.
تفعيل دور لجان فض المنازعات لحل الخلافات دون اللجوء مباشرة للمحاكم، مما يخفف الضغط على القضاء.
وضع جدول زمني محدد للزيادات الإيجارية، بحيث يعرف المستأجر مسبقاً مقدار الزيادة السنوية ويخطط لدخله وفقاً لذلك.
فرض غرامات على أي طرف يتهرب من تنفيذ بنود القانون أو يحاول الالتفاف عليها.
وأشار إلى أن الدولة تتبنى نهجاً واقعياً يوازن بين حقوق المالك الذي يريد الاستفادة العادلة من عقاره، وبين المستأجر الذي يحتاج إلى السكن المستقر بعيداً عن المضاربات العقارية.
الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للتعديلات
ويرى الدكتور زياد بهاء الدين أن ما يحدث اليوم هو تصحيح لمسار استمر لعقود طويلة، مؤكداً أن هذه التعديلات ليست فقط قانونية، بل تحمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية بالغة الأهمية.
فمن الناحية الاقتصادية، ستسهم الزيادات التدريجية في تحريك سوق العقارات وزيادة عوائد الملاك، وبالتالي ضخ سيولة جديدة في الاقتصاد.
ومن الناحية الاجتماعية، فإن التدرج في التطبيق يمنح الأسر المستأجرة الوقت الكافي للتكيف، ويمنع حدوث صدامات عنيفة أو موجات من التشريد، كما أن وضوح الرؤية القانونية سيعيد الثقة بين طرفي العلاقة الإيجارية، ويشجع على الاستثمار في قطاع الإسكان، خصوصاً في المدن الجديدة.
وفي ختام حديثه، أكد نائب رئيس الوزراء الأسبق أن الإصلاح التشريعي في ملف الإيجارات كان خطوة ضرورية تأخرت كثيراً، لكنها الآن تمضي في الطريق الصحيح، مشدداً على أن نجاح التجربة يتوقف على وعي المواطنين والتزامهم ببنود القانون، إضافة إلى دور الدولة في المتابعة الحازمة.