«معركة سبتمبر».. الكشف عن خطة نتنياهو الجديدة لاجتياح غزة الشامل

تستعد إسرائيل لإطلاق هجوم بري واسع النطاق على مدينة غزة والمخيّمات الوسطى في منتصف سبتمبر المقبل، وذلك لإسقاط حركة حماس واستعادة ما تبقى من الرهائن.
لكن هناك تقارير دولية، أبرزها صحيفة التايمز البريطانية، ترى أن هذه الخطط قد تكون تكرارًا لمغامرات فاشلة، محكومة بالمعضلات نفسها: رهائن أحياء، غياب الرؤية، ضغط داخلي ودولي، واستنزاف طويل الأمد.
استعداد لاجتياح بري شامل
وفق مصادر إسرائيلية، ستقوم تل أبيب باستدعاء أكثر من 60 ألف جندي احتياط، وتُخطط لإصدار أوامر إخلاء قسري لنحو مليون فلسطيني من وسط القطاع، تمهيدًا لاجتياح بري يستهدف "قلب غزة". إذ وُصف هذا الهجوم المزمع بأنه "مرحلة مفصلية" في الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، لكن التايمز تساءلت: هل هو تقدم نحو النصر، أم خطوة أخرى في دائرة الفشل المتكرر؟
ورغم تصعيد الخطاب السياسي، يبقى ملف الرهائن أبرز العقبات، كما تشير التقديرات إلى وجود 50 رهينة لدى حماس، نحو 30 منهم يُعتقد أنهم قتلوا. وقد يؤدي أي هجوم على المخيّمات، بداخلها الرهائن، إلى مجازر مضاعفة، كما أن تجربة عملية النصيرات في يونيو، التي حررت 4 رهائن مقابل مقتل أكثر من 270 فلسطينيًا، أكدت أن ثمن هذه العمليات قد يكون فادحًا، عسكريًا وأخلاقيًا.
غياب خطة اليوم التالي
ورغم تكرار شعارات "القضاء على حماس"، لا تملك حكومة نتنياهو أي تصور واضح لخطة اليوم الثاني من الحرب. لا خطة لإدارة القطاع، ولا شريك محلي أو دولي، في ظل رفض إسرائيل إشراك السلطة الفلسطينية أو الأمم المتحدة. إذ يعنى هذا الفراغ أن أي نصر عسكري محتمل سيكون مؤقتًا، وسيفتح الباب أمام عودة حماس أو صعود بدائل أشدّ تطرفًا.
غزة.. ساحة استنزاف
كما أن غزة ليست ساحة معركة تقليدية. فالمخيّمات، والأنفاق، والأحياء المتلاصقة، توفر بيئة مثالية لحرب عصابات تستنزف الجيوش النظامية. ويستطيع الجيش الإسرائيلي دخول أي منطقة، لكن السيطرة لا تدوم، والمقاومة تعود فور الانسحاب.
ضغط المدنيين والشرعية الدولية
أي عملية عسكرية واسعة النطاق تعني نزوح مئات الآلاف من المدنيين. وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن خطة سبتمبر/ أيلول تشمل إصدار أوامر إخلاء لمليون فلسطيني. وستثير صور النزوح الجماعي والدمار الشامل موجة جديدة من الغضب الدولي، خاصة مع تزايد الانتقادات الأوروبية والأمريكية للحرب.
وحتى داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، هناك إدراك بأن العملية لا يمكن أن تبدأ من دون "غطاء شرعي دولي". لكن بالنظر إلى حجم الكارثة الإنسانية المتوقعة، يبدو الحصول على هذا الغطاء شبه مستحيل.

انقسام داخلي في إسرائيل
في شوارع تل أبيب، خرج الآلاف مؤخرًا مطالبين بإبرام صفقة فورية للإفراج عن الرهائن. وتري عائلات الأسرى أن أي توسيع للهجوم هو مقامرة بأرواح أحبائهم، فيما يواصل نتنياهو رفضه التفاوض، خوفًا من الظهور بمظهر الضعيف. إذ يشلّ هذا الانقسام القرار الاستراتيجي الإسرائيلي، ويعكس فقدان الثقة بقيادة باتت تحركها الحسابات الحزبية أكثر من المصلحة القومية.
مأزق المفاوضات: الفرص تضيع أمام أعين تل أبيب
في المقابل، عرضت حماس هذا الأسبوع صفقة إنسانية تشمل الإفراج عن 10 رهائن أحياء و18 جثمانًا مقابل هدنة لمدة شهرين.
لكن نتنياهو رفض العرض، متمسكًا بصفقة شاملة. وهو ما يعكس تناقضًا واضحًا: فبينما تُروّج الحكومة لسعيها لإنقاذ الرهائن، تُفوّت فرصًا حقيقية لتحقيق ذلك دون قتال.
فشل الاستراتيجيات السابقة
منذ بداية الحرب، شنّت إسرائيل عدة حملات تحت مسميات مختلفة "مركبات جدعون 1 و2" لكنها توقفت عند أبواب المناطق الوسطى. لم يكن الفشل سببه نقص القوة، بل غياب الإجابة عن سؤال جوهري: كيف تقضي على مقاومة متجذّرة بين المدنيين دون كارثة إنسانية أو مأساة للرهائن؟
كما أن تكرار النهج نفسه، مع زيادة عدد الجنود أو شدّة القصف، لن يغيّر النتيجة. بل على العكس، قد يؤدي إلى تورّط أعمق في مستنقع استنزاف طويل الأمد.