حكم تحفيظ القرآن للفتيات بعد البلوغ على يد محفظ رجل.. الإفتاء توضح

يكثر السؤال في بعض المجتمعات عن حكم تحفيظ القرآن للفتيات بعد سن البلوغ على يد محفظ من الرجال، خصوصًا مع وجود اعتقادات متوارثة بأن ذلك لا يجوز. وقد أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الشرع الشريف لا يمنع من هذا الأمر، بل أجاز تعلم النساء من الرجال والرجال من النساء، ما دام الأمر منضبطًا بالضوابط الشرعية وخاليًا من الخلوة المحرمة أو الفتنة.
حكم تحفيظ القرآن للفتيات بعد سن البلوغ على يد محفظ
أفادت دار الإفتاء أن وجود الرجل كمحفظ للفتيات ليس محرمًا في ذاته، وإنما المحظور هو الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية، أو وقوع ما يخالف الشرع من سفور أو اختلاط محرم قائم على التلاصق أو التلامس. أما مجرد الاجتماع في حلقة تحفيظ عامّة، مع وجود عدد من الطالبات في مكان ظاهر، فلا مانع منه شرعًا. وقد دلَّت السنة النبوية على أن النساء كن يتعاملن مع الرجال في شؤون الحياة العامة ضمن الضوابط الشرعية، دون أن يُعد ذلك مخالفة للدين.
أقوال العلماء والدلائل الشرعية
استشهدت دار الإفتاء بأقوال كبار العلماء مثل الإمام القرطبي وابن حجر، الذين بيّنوا أن الحجاب الخاص كان واجبًا على أمهات المؤمنين فقط، بينما عامة نساء المؤمنين لم يُلزمن بالانفصال الكامل عن الرجال في كل تعامل. كما دلَّت النصوص على جواز مخاطبة المرأة للرجل الأجنبي إذا كان في ذلك مصلحة شرعية أو دينية، ومنها خدمة أم أسيد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وضيوفه.
أمثلة من التاريخ الإسلامي
جاء في التاريخ الإسلامي أن النساء المسلمات كن يشاركن الرجال في الحياة العلمية والدعوية، بل منهن من تولت الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مثل سمراء بنت نهيك رضي الله عنها. كما أن كتب الحديث والسنة مليئة بروايات الصحابيات والتابعيات اللواتي نقلن العلم الشرعي للرجال والنساء على حد سواء، وهو ما يثبت أن التعليم بين الجنسين لم يكن ممنوعًا ما دامت الفتنة مأمونة.
بناءً على ما سبق، أكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا مانع شرعًا من أن يكون الرجل محفظًا للنساء بعد البلوغ، بشرط عدم وجود خلوة محرمة، والتزام الفتيات بالآداب الشرعية في اللباس والكلام، مع مراعاة أن يتم التعليم في مكان عام يضمن الأمن من الفتنة. ولا يصح أن تُفرض العادات والتقاليد على الناس باعتبارها دينًا، فالدين أوسع من ذلك، والشرع يسر لا عسر.