من أعمال الخير.. الإفتاء: تمويل الجمعيات للمشروعات متناهية الصغر جائز شرعًا

أكدت دار الإفتاء المصرية أن دعم الجمعيات والمؤسسات للمشروعات متناهية الصغر من خلال برامج التمويل التي تُنفَّذ بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية يُعَد جائزًا شرعًا، بل ويُعَد من أعمال الخير التي يُثاب القائمون عليها، لما لها من أثر كبير في مساعدة الشباب والنساء على إقامة مشروعات إنتاجية تُوفِّر فرص عمل وتُسهم في تحسين مستوى المعيشة.
دار الإفتاء: تمويل الجمعيات للمشروعات متناهية الصغر جائز شرعًا
وأوضحت الدار أن العقود التي تُبرمها هذه الجمعيات تُكيَّف شرعًا على أنها عقود تمويل استثمارية، وليست قروضًا ربوية محرمة؛ إذ تقوم على دراسات جدوى وتستهدف تحقيق مصالح جميع الأطراف، مع خلوها من الغرر أو الضرر. وأضافت أن الفقه الإسلامي يجيز إحداث عقود جديدة غير منصوص عليها في كتب الفقه الموروث، ما دامت تحقق المصلحة وتنسجم مع مقاصد الشريعة، وهو ما رجحه عدد من كبار العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية.
وبيَّنت دار الإفتاء أن الشخصية الاعتبارية للدولة والجمعيات والهيئات تختلف في أحكامها عن الشخصية الطبيعية للأفراد؛ فالفقهاء أقروا أحكامًا خاصة بالوقف وبيت المال والمسجد، ومنها مثلًا عدم استحقاق الزكاة على مال الوقف أو جواز استقراضه بالربح عند الحاجة. ومن ثم فإن الأنشطة التي تقوم بها المؤسسات لخدمة المجتمع تدخل في باب التعاون المشروع، لا في باب القروض المحرمة.
وأكدت الدار أن هذه المشروعات تختلف جوهريًّا عن القروض الربوية التي نزل الشرع بتحريمها؛ لأن الربا قائم على استغلال حاجة الفقراء وتربُّح المقرض، مما يؤدي إلى زيادة الفقر وتوسيع الفجوة بين الأغنياء والمحتاجين. أما المشروعات متناهية الصغر فغايتها التنمية والتشغيل وزيادة الإنتاجية وتفعيل حركة السوق ومنع الكساد، وهو ما يعود بالنفع على المجتمع ككل.
كما شددت دار الإفتاء على ضرورة عدم إطلاق لفظ "القرض" على هذا النشاط؛ حتى لا يلتبس بمبدأ «كل قرض جَرَّ نفعًا فهو ربا». وأوضحت أن القائمين على هذه البرامج لا يهدفون إلى التربح من حاجات الناس، وإنما يتقاضون مقابل إدارتهم للمشروعات وتنظيمها، وهو ما يُعَد من أشرف الأعمال وأزكاها عند الله تعالى.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن تمويل المشروعات متناهية الصغر مباح شرعًا، بل هو من أبواب البرّ والتقوى والتيسير على الناس، ويُثاب القائمون عليه؛ لأنه يحقق مقاصد الشريعة في عمارة الأرض وتحقيق التكافل الاجتماعي، ويساعد الشباب والنساء على بناء مستقبلهم وخدمة مجتمعهم.