دراسة تكشف: حمية «MIND» تقلل خطر الخرف وتراجع القدرات لدى كبار السن
مع التقدم في العمر، يصبح الحفاظ على القدرات العقلية والمعرفية تحديًا كبيرًا يواجه ملايين الأشخاص حول العالم، وفي ظل تزايد معدلات الإصابة بمرض ألزهايمر والخرف بين كبار السن، تتجه أنظار العلماء إلى البحث عن حلول طبيعية يمكن أن تساهم في الوقاية وتعزيز صحة الدماغ. وقد كشفت دراسة علمية جديدة.
نشرت مؤخرًا في مجلة JAMA Network Open، عن نتائج مثيرة حول دور الحمية الصحية وخاصة حمية MIND في تقليل خطر فقدان الخلايا العصبية والحفاظ على الذاكرة والوظائف المعرفية لدى كبار السن.
هذه النتائج تفتح الباب أمام فهم أعمق لتأثير التغذية على صحة الدماغ، وتؤكد أن الغذاء لا يؤثر فقط على الجسد، بل يمتد أثره إلى العقل أيضًا.
تفاصيل الدراسة الجديدة
أجريت الدراسة على 809 مشاركين من كبار السن، حيث خضعوا لمتابعة دقيقة لنمط حياتهم الغذائي وصحتهم العامة حتى بعد الوفاة، الباحثون قاموا بتحليل أنسجة أدمغتهم بعد الوفاة ولاحظوا أن الأفراد الذين اتبعوا حمية MIND بانتظام كانوا أقل عرضة لفقدان الخلايا العصبية بنسبة تصل إلى 22% مقارنة بغيرهم ممن لم يلتزموا بالنظام الغذائي.
اللافت في الدراسة أن تأثير الحمية ظل واضحًا حتى بعد التحكم في عوامل أخرى مثل العمر والعوامل الجينية الموروثة التي تزيد خطر ألزهايمر، وهذا يعني أن الالتزام بالنظام الغذائي الصحي قد يشكل حاجزًا وقائيًا فعالًا ضد تدهور القدرات العقلية.
ما هي حمية MIND؟
حمية MIND (اختصارًا لـ Mediterranean-DASH Intervention for Neurodegenerative Delay) هي مزيج بين النظام المتوسطي (Mediterranean) ونظام DASH (المعروف بمكافحة ارتفاع ضغط الدم)، أبرز مكونات الحمية:
- الخضراوات الورقية مثل السبانخ والجرجير.
- التوت بأنواعه وخاصة العنب البري.
- المكسرات (اللوز، الجوز، الكاجو).
- الحبوب الكاملة.
- زيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون.
- الأسماك والدواجن باعتدال.
- التقليل من اللحوم الحمراء والمعالجة.
- الحد من الأطعمة المقلية والدهون المشبعة.
- هذا النظام الغذائي أثبت أنه لا يفيد القلب وضغط الدم فقط، بل يساهم أيضًا في إبطاء تدهور الدماغ.
دراسات سابقة تدعم النتائج
هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها، فقد دعمت أبحاث سابقة نفس الفرضية:
دراسة في الولايات المتحدة أكدت أن اتباع حمية MIND يقلل من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر بنسبة تصل إلى 53% عند الالتزام الصارم، و35% عند الالتزام المتوسط.
مراجعات علمية سابقة أظهرت أن النظام المتوسطي يقلل من خطر التدهور المعرفي ويحسّن الذاكرة.
دراسات على مدى 30 عامًا أثبتت أن تبني أنماط حياة صحية (النظام الغذائي، النشاط البدني، النوم المنتظم) يقلل خطر الخرف وضعف الذاكرة بشكل ملحوظ.
لماذا الحمية الصحية مهمة لكبار السن؟
مع التقدم في العمر، تزداد فرص تراكم البروتينات الضارة مثل بيتا أميلويد في الدماغ، وهي المسؤولة عن تدمير الخلايا العصبية وظهور أعراض الخرف، النظام الغذائي الغني بمضادات الأكسدة والأحماض الدهنية الصحية يساهم في:
- حماية الخلايا العصبية من التلف.
- تعزيز تدفق الدم إلى الدماغ.
- تقليل الالتهابات المزمنة.
- تحسين التواصل بين الخلايا العصبية.
كيف يمكن تطبيق حمية MIND في الحياة اليومية؟
لتبسيط الأمر، يمكن البدء بخطوات صغيرة قابلة للتنفيذ يوميًا:
- إضافة الخضراوات الورقية إلى الوجبات الرئيسية.
- تناول حصة من التوت مرتين أسبوعيًا.
- استبدال السمن والزبدة بـ زيت الزيتون.
- تناول المكسرات كوجبة خفيفة صحية يومية.
- إدخال الأسماك مرتين أسبوعيًا إلى النظام الغذائي.
- تقليل الأطعمة المصنعة والمقلية.
تصريحات الخبراء
أكد الباحثون القائمون على الدراسة أن النتائج تعكس أملًا جديدًا في إمكانية مكافحة التدهور العقلي عبر تغييرات بسيطة في نمط التغذية، وأضافوا أن الحمية ليست علاجًا نهائيًا، لكنها وسيلة فعالة لتقليل المخاطر وتأخير ظهور الأعراض.
كما شدد الأطباء على أن تبني النظام الغذائي يجب أن يكون جزءًا من نمط حياة متكامل يشمل:
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- النوم الكافي.
- الحفاظ على النشاط الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين.
الدراسة الجديدة تؤكد ما أصبح واضحًا يومًا بعد يوم، أن صحة الدماغ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بما نأكله، ومع تزايد أعداد كبار السن حول العالم، يصبح الاستثمار في التغذية الصحية ضرورة وليست رفاهية.
اتباع حمية MIND أو حتى الاقتراب منها يمكن أن يشكل فارقًا كبيرًا في حياة ملايين الأشخاص، عبر تقليل خطر الخرف وألزهايمر، والحفاظ على ذاكرة نشطة وعقل متيقظ حتى مع التقدم في العمر.
