عاجل

ما أهم آداب الطعام والشراب كما جاء بها الإسلام ..حكم مضغ الطعام بصوت مسموع؟

اداب الطعام
اداب الطعام

قالت دار الإفتاء إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة جاءت لسعادة الدارين، وشرع الله تعاليم الإسلام وأحكامه وآدابه لينظم للإنسان كل شئون حياته -من العبادة، والمأكل والمشرب والملبس، ومواكبة الحضارة، والتعلم والتعليم-، ويرتقي بسلوك الفرد والمجتمع في ذلك كله؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي بِتَمَامِ مكارمِ الْأَخْلَاقِ، وكَمَالِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ» أخرجه الطبراني في "الأوسط".

ومن الآداب التي اهتمت بها الشريعة: آداب الطعام والشراب؛ فعقد المحدِّثون في كتب السنة الأبواب والفصول لها، وأفرد بعضهم كتبًا لرواية السنن الواردة فيها؛ كابن حنبل وابن أبي عاصم النبيل في كتابيهما في "الأشربة"، والدارمي وابن أبي عاصم في كتابيهما في "الأطعمة"، وتكلم الفقهاء عن هذه الآداب في كتب الفقه واستفاضوا في تقريرها وأفردوا لها أبوابًا وفصولًا، وصنف بعضهم في أحكامها وآدابها استقلالًا؛ من ذلك "آداب الأكل" للأقفهسي، و"آداب المواكلة" لأبي البركات الغزي، والذي ذكر فيه واحدًا وثمانين عيبًا مِن جملة العيوب التي مَن علمها كان خبيرًا بآداب المؤاكلة، وهذا يدل على عناية الشريعة الإسلامية بهذا الجانب من الآداب في الإسلام، وحرصها على أن يتكمل الإنسان بالمحاسن ويتجمل بالذوق الرفيع ويظهر بالمظهر اللائق في طعامه وشرابه؛ ابتداءً وانتهاءً، واكتسابًا واختيارًا، وتنظيمًا وتناولًا.

ومن السلوكيات التي نهت عنها وأرشد الفقهاء إلى التنزه عنها وأنها لا تليق بالآداب العامة والذوق الرفيع: إحداث صوت أثناء المضغ والشرب، ووردت النصوص المتكاثرة من الكتاب والسنة بالنهي عن التشبه بالحيوانات في طبائعها المذمومة كالشره والجشع والنهم عند الأكل والشرب؛ منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَشْرَبُوا وَاحِدًا كَشُرْبِ البَعِيرِ، وَلَكِن اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلَاثَ، وَسَمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ، وَاحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمَصَّ مَصًّا، وَلَا يَعُبَّ عَبًّا، فَإِنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ». والعَبُّ: شُرْبُ الماء من غير مَصٍّ، وعَبَّتِ الدَّلْوُ: إذا صوَّتَتْ عند غَرْف الماء. والكُبَادُ: وجعُ الكبد. والمقصود من هذا التوجيه النبوي: الإرشاد إلى التروي في الشرب شيئًا فشيئًا، لا أن يُجرَعَ جرعًا كما تفعل الدوابُّ مُحدِثةً صوتًا عنده، مع ما في ذلك مِن ضرر على الشارب، وحصول الضيق لِمَن حوله، وقد تقرر في الإسلام أنه "لا ضرر ولا ضرار".
ونص العلماء أيضًا على أن من الصفات المذمومة عند الأكل: التكلم في حال مضغ الطعام، وإحداث صوت لأشداقه وفمه عند المضغ والبلع، وعدُّوا ذلك من العيوب التي ينبغي على الآكل تَوَقِّيها والبعد عنها، وسمَّوا الأول "مُبَعْبِعًا"، والثانيَ "مُفَرْقعًا" و"رَشَّافًا"؛ قال العلامة ابن الملقن: "ولا يجعل اللقمة في فمه يَرشُفُها ويُسمَع لها حسٌّ".

من هذا البيان المجمل نقول: إن ما يحدثه بعض الناس من صوت عند مضغ الطعام إنما هو سلوك شخصي قد يصدر من المسلم وغير المسلم، ولا علاقة لذلك بالإسلام ولا بالأديان، مع نصيحتنا للمسلم بالتحلى بمحاسن الآداب وكريم الخصال كما أرشد إليها الإسلام، ومراعاة آداب الذوق العامة التي تستحسنها العادات والأعراف المجتمعية ما دامت لا تخالف الشريعة الإسلامية، واجتناب ما قد يسبب الانزعاج أو الضيق لمن حوله، ليظهر بذلك صورةً راقية تدل على دينه وأمته.

حكم مضغ الطعام بصوت مسموع

من السلوكيات التي نهت عنها الشريعة أثناء تناول الطعام والشراب ونص الفقهاء على الإرشاد إلى التنزه عنها وأنها لا تليق بالآداب العامة والذوق الرفيع: إحداث صوت أثناء المضغ والشرب؛ لِمَا قد يدل عليه ذلك من الشَّرَه والنهَم.

- فروى الإمام معمر بن راشد في "جامعه" -ومن طريقه الحافظ البيهقي في "السنن الكبرى" و"شعب الإيمان"- عن ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ (وهو: عبد الله بن عبد الرحمن المكي النوفلي القرشي، تابعي فقيه ثقة) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمَصَّ مَصًّا، وَلَا يَعُبَّ عَبًّا، فَإِنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ».

والعَبُّ -كما قال أهل اللغة-: شُرْبُ الماء من غير مَصٍّ، وعَبَّتِ الدَّلْوُ: إذا صوَّتَتْ عند غَرْف الماء، وعبَّ الحَمَام الماءَ. والكُبَادُ: وجعُ الكبد.

وفي معناه ما رواه الإمام أبو داود في "المراسيل" -ومن طريقه الحافظ البيهقي في "السنن الكبرى"- عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا شَرِبْتُمْ فَاشْرَبُوا مَصًّا، وَإِذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا».

والمقصود من هذا التوجيه النبوي: الإرشاد إلى التروي في تناول الماء شيئًا فشيئًا، لا أن يُجرَعَ جرعًا كما تفعل الدوابُّ مُحدِثةً صوتًا عند الشرب، مع ما في ذلك مِن ضرر على الشارب، وحصول الضيق لِمَن حوله، وقد تقرر أنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام.

وفي التعبير النبوي «بالعبِّ» إشارةٌ إلى التنفير من هذا الفعل؛ فإن العبَّ في الأصل هو من فعل الدوابِّ، أما الآدمي فلا يُسنَد إليه العبُّ إلا على جهة المجاز.

قال العلامة أبو منصور الأزهري في "تهذيب اللغة" (1/ 86): [قال الشافعيُّ: الحَمَام من الطَّير: مَا عبَّ وهدَر، وَذَلِكَ أنَّ الْحمام يعُبُّ المَاء عبًّا وَلَا يشرب كَمَا يشرب سَائِر الطير نقرًا] اهـ.

وقال العلامة أبو الحسن المنوفي المالكي [ت939هـ] في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 464، ط. دار الفكر): [(وَلَا تَعُبَّ الْمَاءَ عَبًّا) وهو: بلْعُه بصوت كصوت البهيمة؛ لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك (ولْتَمَصَّه) بفتح الميم مضارع مَصِصَ بالكسر (مَصًّا) وهو: بلعُ الماء برفق شيئًا بعد شيء؛ لأمره صلى الله عليه وآله وسلم بذلك] اهـ.

ونص العلماء على أن من الصفات المذمومة عند الأكل: التكلم في حال مضغ الطعام، وإحداث صوت لأشداقه وفمه عند المضغ والبلع، وعدُّوا ذلك من العيوب التي ينبغي على الآكل تَوَقِّيها والبعد عنها، وسمَّوا الأول "مُبَعْبِعًا"، والثانيَ "مُفَرْقعًا" و"رَشَّافًا".

قال العلامة ابن الملقن الشافعي [ت804هـ] في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (26/ 94، ط. دار النوادر): [فإن كان الآكلُ ضيفًا فليتوقَّ تسعةً وعشرين عيبًا، رويناها في كتاب "فوائد الموائد": وذكر منها.. ولا يجعل اللقمة في فمه يَرشُفُها ويُسمَع لها حسٌّ] اهـ.

وقال العلامة الأقفهسي الشافعي [ت808هـ] شارحًا منظومته في "آداب الأكل" (ص: 28، ط. دار الكتب العلمية): [واضمم شفاهك عند المَضْغ نحو حلا ... ولا تُفَرقِعُ تكن كالأسود الجُعَلِ

ولا تطرطش لدى أكل الطعـــــــــام تُرَى ... عند الأنام حمـــــارَ المجلس الحفل

ينبغي للآكل أن يَضُمَّ شفتيه عند الأكل لمعنيين:

الأول: أنه يأمن مما يتطاير من البصاق في حال المضغ، وقد يقع ذلك في الطعام فيورث قَنَافة (أي: استقذارًا لمن حوله).

الثاني: أنه إذا ضم شفتيه لم يبقَ لفمه فرقعة.

والأسود الجُعَل؛ بضم الجيم والعين: دُوَيبة مثل الخنفساء أكبر منها قليلًا، وهي خسيسة تقتات الروث، وشأنُها جمعُه وادِّخارُه، والعرب تشبه بها مَن ذموا بالخساسة] اهـ.

وقال العلامة القسطلاني الشافعي [ت923هـ] في "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" (8/ 250، ط. المطبعة الأميرية): [وهذه آداب تتعلق بالأكل لا بأس بإيرادها.. وينبغي للآكل أن يضم شفتيه عند الأكل؛ ليأمن مما يتطاير من البصاق حال المضغ، ولا يتنخم، ولا يبصق بحضرة آكل غيره، فإن عرض له سُعَال حوَّل وجهه عن الطعام] اهـ.

من السلوكيات التي نهت عنها الشريعة أثناء تناول الطعام والشراب ونص الفقهاء على الإرشاد إلى التنزه عنها وأنها لا تليق بالآداب العامة والذوق الرفيع: إحداث صوت أثناء المضغ والشرب؛ لِمَا قد يدل عليه ذلك من الشَّرَه والنهَم.

- فروى الإمام معمر بن راشد في "جامعه" -ومن طريقه الحافظ البيهقي في "السنن الكبرى" و"شعب الإيمان"- عن ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ (وهو: عبد الله بن عبد الرحمن المكي النوفلي القرشي، تابعي فقيه ثقة) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمَصَّ مَصًّا، وَلَا يَعُبَّ عَبًّا، فَإِنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ».

والعَبُّ -كما قال أهل اللغة-: شُرْبُ الماء من غير مَصٍّ، وعَبَّتِ الدَّلْوُ: إذا صوَّتَتْ عند غَرْف الماء، وعبَّ الحَمَام الماءَ. والكُبَادُ: وجعُ الكبد.

وفي معناه ما رواه الإمام أبو داود في "المراسيل" -ومن طريقه الحافظ البيهقي في "السنن الكبرى"- عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا شَرِبْتُمْ فَاشْرَبُوا مَصًّا، وَإِذَا اسْتَكْتُمْ فَاسْتَاكُوا عَرْضًا».

والمقصود من هذا التوجيه النبوي: الإرشاد إلى التروي في تناول الماء شيئًا فشيئًا، لا أن يُجرَعَ جرعًا كما تفعل الدوابُّ مُحدِثةً صوتًا عند الشرب، مع ما في ذلك مِن ضرر على الشارب، وحصول الضيق لِمَن حوله، وقد تقرر أنه لا ضرر ولا ضرار في الإسلام.

وفي التعبير النبوي «بالعبِّ» إشارةٌ إلى التنفير من هذا الفعل؛ فإن العبَّ في الأصل هو من فعل الدوابِّ، أما الآدمي فلا يُسنَد إليه العبُّ إلا على جهة المجاز.

قال العلامة أبو منصور الأزهري في "تهذيب اللغة" (1/ 86): [قال الشافعيُّ: الحَمَام من الطَّير: مَا عبَّ وهدَر، وَذَلِكَ أنَّ الْحمام يعُبُّ المَاء عبًّا وَلَا يشرب كَمَا يشرب سَائِر الطير نقرًا] اهـ.

وقال العلامة أبو الحسن المنوفي المالكي [ت939هـ] في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 464، ط. دار الفكر): [(وَلَا تَعُبَّ الْمَاءَ عَبًّا) وهو: بلْعُه بصوت كصوت البهيمة؛ لنهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك (ولْتَمَصَّه) بفتح الميم مضارع مَصِصَ بالكسر (مَصًّا) وهو: بلعُ الماء برفق شيئًا بعد شيء؛ لأمره صلى الله عليه وآله وسلم بذلك] اهـ.

وقال العلامة شهاب الدين النفراوي المالكي [ت1126هـ] في "الفواكه الدواني" (2/ 318، ط. دار الفكر): [(و) من آداب الشرب أيضًا: أنك (لا تَعُبُّ الماءَ عَبًّا)؛ أي: لا تبتلعه كابتلاع البهيمة؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم "نهى عن العَبِّ" (ولْتَمَصَّه.. مَصًّا)؛ أي: تبتلعه برفق شيئًا فشيئًا؛ بحيث لا يُسمَع منك صوتٌ بشربه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمَصَّهُ مَصًّا» وتقدم تعليله بأنه أهنأ وأبرأ وأمرأ؛ لأنه أنفع لعروق الجسد، بخلاف عَبِّه ربما يأخذ عرقٌ أكثرَ مما يحتاجه فيتأذى صاحبُه؛ ألا ترى المطر الرقيق الدائم فإنه أنفع للأرض من الوابل الذي ينقطع سريعًا قد يذهب على وجه الأرض ولا يداخلها كالرقيق الدائم] اهـ.

 

تم نسخ الرابط