ما حكم إخراج الصدقة وهبة ثوابها للوالدين بعد وفاتهما.. الإفتاء توضح؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن بر الوالدين لا ينتهي بوفاتهما، بل يبقى في عنق الأبناء دينًا واجبًا وحقًّا مستمرًّا لا ينقطع بانتقالهما من الحياة الدنيا، موضحة أن من أوجه البر بعد موتهما: الدعاء، والاستغفار، وإنفاذ عهودهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام أصدقائهما، فضلًا عن الصدقة الجارية التي يكون ثوابها واصلًا إليهما بإذن الله تعالى.
حكم إخراج الصدقة وهبة ثوابها للوالدين بعد وفاتهما
وأوضحت الدار في فتوى لها ردًّا على سؤال حول حكم إخراج صدقة وإهداء ثوابها للوالدين بعد وفاتهما، أن الشرع الشريف أجاز ذلك وأكد على عظيم فضل الصدقة عن الميت، مستشهدة بقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، مبينة أن الأمر بالإحسان لا يقتصر على حياتهما، بل يشمل ما بعد الوفاة.
واستدلت دار الإفتاء بما رواه أبو داود عن الصحابي الجليل أبي أُسَيد مالك بن ربيعة رضي الله عنه، حين سأل رجل النبي ﷺ: "هل بقي عليَّ من بر والديَّ شيء بعد موتهما؟"، فقال النبي ﷺ: «نَعَمْ؛ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا».
وأضافت الفتوى أن من أفضل ما يُقدَّم للوالدين بعد وفاتهما التصدق عنهما، سواء بالمال أو الأعمال النافعة، حيث ورد في صحيح البخاري أن رجلًا سأل النبي ﷺ عن والدته التي ماتت: "أينفعها إن تصدقت عنها؟"، فقال ﷺ: «نَعَمْ». كما ورد في صحيح مسلم أن رجلًا قال: "إن أمي افتلتت نفسها ولم توصِ، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها ولي أجر؟"، فقال ﷺ: «نَعَمْ».
كما لفتت دار الإفتاء إلى أن قضاء ما فاتهما من صيام النذر أو الكفارات من صور البر بهما بعد الوفاة؛ إذ قال النبي ﷺ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» (متفق عليه).
وشددت الدار على أن إخراج الصدقة بنية الوالدين – سواء كانت صدقة جارية مثل بناء مسجد أو حفر بئر أو المساهمة في أعمال خيرية مستمرة، أو صدقة عابرة كمساعدة محتاج – كل ذلك يكتب في ميزان حسناتهما، كما ينال الابن أو البنت أجر البر والصدقة معًا.
واختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن أعظم ما يقدمه الأبناء لآبائهم بعد وفاتهم هو الدعاء والصدقة الجارية، مشيرة إلى أن ذلك من أعظم القربات، وهو من الوفاء الحقيقي للوالدين، ودليل على صدق محبتهما، مستشهدة بدعاء القرآن العظيم: ﴿رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.