انخفاض البطالة بمصر لـ6.1%.. خبير اقتصادي يكشف أسباب النجاح ودور القطاع الخاص

تحدث الدكتور إسلام شاهين، أستاذ الاقتصاد، حول أسباب وتداعيات الانخفاض الملحوظ في معدلات البطالة داخل مصر، بحسب التقرير الصادر مؤخراً عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
قوة العمل المصرية
في بداية حديثه عبر قناة إكسترا نيوز، أوضح شاهين أن قوة العمل المصرية، والتي تجاوز عددها 33.6 مليون شخص، تمثل طاقة بشرية ضخمة يجب استثمارها بالشكل الأمثل، مشيراً إلى أن الانخفاض الحالي في معدل البطالة إلى 6.1% مقارنة بـ6.3% في الربع السابق، يعكس تحسناً حقيقياً في سوق العمل.
وقال إن هذا التحسن جاء نتيجة سياسات حكومية واضحة، شملت التوسع في التعليم الفني والتكنولوجي، وافتتاح مدارس وجامعات تكنولوجية، إلى جانب برامج التدريب المهني وريادة الأعمال، فضلاً عن دعم الدولة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وربطها بسوق العمل.
وأكد أن هذه السياسات لم تكن مجرد قرارات نظرية، بل انعكست فعلياً في قدرة القطاع الخاص على اجتذاب عمالة مدربة ومؤهلة للمشروعات القومية الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات البنية التحتية، والمدن الذكية، وكذلك في المناطق الاقتصادية مثل قناة السويس.
دور القطاع الخاص
وفيما يتعلق بدور القطاع الخاص، أشار شاهين إلى أن الانفتاح الاستثماري في قطاعات متعددة كالصناعة، النقل، اللوجستيات والتجارة، ساهم بشكل ملحوظ في خلق فرص عمل حقيقية، مدعومة بتعديلات تشريعية مهمة مثل قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، وتحسين بيئة الأعمال وتوفير حوافز للمستثمرين، مما شجع على توطين التكنولوجيا وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر.
ونوه كذلك إلى تأثير مرونة سعر الصرف التي انتهجها البنك المركزي، مشيراً إلى أن تحسن سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية لعب دوراً في جذب الاستثمارات وتعزيز الاستقرار المالي، وهو ما ساعد على فتح مشروعات جديدة واستيعاب مزيد من العمالة.
الفروقات بين البطالة في الذكور والإناث
وحول الفروقات بين البطالة في الذكور والإناث، قال د. شاهين إن انخفاض البطالة بين النساء من 16.4% إلى 15.8% يعد مؤشراً إيجابياً، رغم أن نسبة مشاركة النساء في قوة العمل ما زالت أقل من الرجال، موضحا أن التحسن السريع في أرقام البطالة بين الإناث يعود إلى حجم العينة الإحصائية الأصغر، لكن الدولة بذلت جهوداً كبيرة لتمكين المرأة عبر التعليم، والتدريب، والتشريعات الداعمة، إلى جانب دعم مشاركتها في مواقع القيادة.
وأكد أن الدولة جادة في دعم استدامة فرص العمل، وليست مجرد فرص مؤقتة، مستشهداً بالاهتمام بالجامعات التكنولوجية، والتعليم المرتبط بالذكاء الاصطناعي، والتوسع في برامج التدريب الفني، ما يدل على وجود رؤية استراتيجية لربط التعليم بسوق العمل وخلق وظائف طويلة الأجل، رغم التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد والمنطقة.
وعند سؤاله عن أبرز القطاعات الاقتصادية التي ساهمت في خفض معدلات البطالة، أوضح د. شاهين أن قطاع الزراعة وتربية الأسماك جاء في المرتبة الأولى بنسبة 21% من العمالة، يليه قطاع التجارة بنسبة 16%، ثم الصناعة التحويلية بنسبة 13.1%، والبناء والتشييد بنسبة 11.5%. لكنه شدد على ضرورة أن تتقدم الصناعة لتكون في المرتبة الثانية بعد الزراعة، لما لها من تأثير كبير على معدلات التشغيل والنمو الاقتصادي المستدام.
وأشار إلى أن الدولة بالفعل بدأت في توجيه اهتمام كبير بالتعليم الصناعي والتدريب الفني لسد الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل، وهي خطوة محورية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية.
وبخصوص تأثير انخفاض البطالة على الدخل الفردي، أكد أن زيادة التشغيل تعني بالضرورة زيادة الدخول، وتحسين مستويات المعيشة، بشرط أن يكون الطلب الاستهلاكي موجهًا للمنتج المحلي وليس المستورد، حتى يتم تقليل الضغط على العملة الأجنبية وتحقيق قيمة مضافة حقيقية داخل الاقتصاد الوطني.
وقال إن انخفاض البطالة يسهم أيضاً في تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، مثل الناتج المحلي الإجمالي، ويعزز قدرة الدولة على جذب المزيد من الاستثمارات، ما ينعكس إيجاباً على المواطن في صورة فرص عمل، وزيادة دخل، وتحسن مستوى الخدمات.
وفي ختام حديثه، أشار إلى أن الدولة تسير على الطريق الصحيح نحو اقتصاد أكثر إنتاجية وشمولاً، وأن مؤشرات البطالة الحالية تمثل بداية جيدة لتحولات هيكلية أوسع في سوق العمل.