دراسة صادمة: المشروبات الساخنة تضاعف خطر الإصابة بسرطان المريء

تثير علاقة المشروبات الساخنة وصحة الإنسان جدلاً واسعًا منذ سنوات، خاصة مع التحذيرات الطبية المتكررة من أن تناولها في درجات حرارة مرتفعة قد يكون عاملاً خطيراً يزيد من احتمالية الإصابة بـ سرطان المريء.
ومع صدور دراسة علمية حديثة نُشرت هذا الأسبوع في المجلة الدولية للسرطان (International Journal of Cancer)، عاد الموضوع ليتصدر العناوين الطبية العالمية، بعدما أكدت النتائج وجود صلة مباشرة بين شرب السوائل بدرجات حرارة تتجاوز 60 درجة مئوية وبين ارتفاع خطر الإصابة بأورام المريء.
لماذا المريء بالتحديد؟
المريء هو القناة العضلية التي تنقل الطعام والسوائل من الفم إلى المعدة، ويُعد من الأعضاء الحساسة التي تتعرض باستمرار للتأثيرات الكيميائية والحرارية، وعندما يتعرض الغشاء المخاطي للمريء بشكل متكرر إلى سوائل ساخنة جدًا، يحدث تلف متكرر في الخلايا، وهو ما يفتح المجال أمام التغيرات السرطانية بمرور الوقت.

وقد سبق أن صنفت منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2016 المشروبات الساخنة جدًا كـ"مادة مسرطنة محتملة للإنسان"، لكن الدراسة الجديدة قدمت أرقامًا أكثر دقة وأدلة سريرية واسعة النطاق.
تفاصيل الدراسة الجديدة
أجريت الدراسة على أكثر من 50 ألف شخص من عدة دول (إيران، الصين، وأمريكا الجنوبية)، وهي مناطق معروفة باستهلاك الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة جدًا، والمشاركون الذين اعتادوا شرب الشاي أو القهوة بدرجة حرارة أعلى من 60° مئوية كانوا أكثر عرضة للإصابة بـ سرطان المريء بنسبة 90% مقارنة بمن يشربونها في درجات حرارة أقل.
أما من يتناولون المشروبات عند درجة حرارة تفوق 65° مئوية، فقد تضاعف لديهم الخطر بشكل ملحوظ، الدراسة أوصت بانتظار ما لا يقل عن 4 – 5 دقائق بعد غليان الماء قبل شربه، لتقليل المخاطر.
ليست الحرارة فقط.. عوامل أخرى تزيد الخطر
على الرغم من أن الحرارة المرتفعة للمشروبات هي العامل الأبرز، إلا أن الباحثين أشاروا إلى وجود عوامل أخرى تساهم في مضاعفة الخطر، أبرزها:

- التدخين: الذي يُعد سببًا رئيسيًا لسرطان المريء.
- الإفراط في الكحول: خاصة عند مزجه مع المشروبات الساخنة.
- التهابات المريء المزمنة وارتجاع المريء.
- النظام الغذائي الفقير بالألياف والغني بالأطعمة المصنعة.
ما الذي يحدث للخلايا عند شرب المشروبات الساخنة؟
يوضح الأطباء أن شرب السوائل في درجات حرارة عالية يؤدي إلى حروق مجهرية متكررة في أنسجة المريء، ومع كل تكرار، تصبح الخلايا أكثر عرضة للإجهاد التأكسدي، مما يؤدي إلى تلف الحمض النووي (DNA) وبالتالي زيادة احتمالية التحول السرطاني.
كيف نتجنب الخطر؟
اعتمدت الدراسة مجموعة من النصائح العملية التي يمكن للجميع اتباعها:
- انتظار المشروبات حتى تبرد قليلاً قبل شربها.
- استخدام مقياس حرارة بسيط للشاي أو القهوة إذا أمكن، أو الاعتماد على قاعدة الانتظار 4 – 5 دقائق.
- استبدال عادة المشروبات الساخنة جدًا بمشروبات دافئة أو فاترة.
- الإكثار من تناول الخضروات والفواكه الغنية بمضادات الأكسدة.
- تجنب التدخين والكحول، خاصة مع تناول المشروبات الساخنة.
المشروبات الأكثر خطورة
الدراسة لم تقتصر على الشاي وحده، بل شملت:
- الشاي الأسود والأخضر: عند تناولهما بدرجات حرارة مرتفعة.
- القهوة: خاصة إذا شُربت مباشرة بعد غليانها.
- المشروبات العشبية التقليدية في أمريكا الجنوبية مثل "المته" (Maté).
هل يعني هذا التوقف عن شرب الشاي والقهوة؟
الإجابة بحسب الباحثين لا، فالشاي والقهوة يحتويان على فوائد صحية مثبتة، مثل تقليل خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب وتحسين التركيز، لكن الخطورة تكمن فقط في درجة الحرارة، لا في المشروبات نفسها.
تعليق خبراء
قال الدكتور كريستوفر وايلد، المدير السابق للوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC): "لا نريد أن نخيف الناس من الشاي أو القهوة، لكن يجب أن نغير ثقافة شربها وهي تغلي. الانتظار بضع دقائق قد يُحدث فرقًا كبيرًا في تقليل المخاطر"، بينما أكدت الدكتورة مريم أحمد، خبيرة التغذية، أن المشروبات الفاترة لا تفقد قيمتها الغذائية أو نكهتها إذا انتظرنا قليلًا قبل شربها.