عاجل

معنى حديث «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة».. هل تتولى المرأة القيادة؟

المرأة
المرأة

أكدت دار الإفتاء المصرية أن الادعاء القائل بحرمة تولي المرأة للمناصب القيادية، ومن بينها منصب القضاء، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» لا يستند إلى فهم صحيح للنصوص الشرعية. وأوضحت الدار أن هذا الحديث ورد في سياق واقعة تاريخية خاصة ارتبطت بملك الفرس بعد تمرد كسرى، ولا يجوز حمله على العموم أو جعله قاعدة مطردة في جميع الأزمنة والأحوال.

واقعة عين لا عموم لها

أوضحت دار الإفتاء أن العلماء قرروا أن "وقائع الأعيان لا عموم لها"، أي أن الحكم فيها يقتصر على المناسبة الخاصة التي ورد النص بسببها، ولا يجوز تعميمها. وبيّنت أن الحديث جاء في سياق خاص بعد أن وليت "بوران بنت كسرى" الحكم عقب سلسلة من الاضطرابات داخل بيت الملك الفارسي، فجاء قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم علامةً على استجابة دعائه على كسرى وأهله بعد تمزيقه لكتاب النبي وإساءته إليه.

ارتباط الحديث بسياق سياسي محدد

ذكرت دار الإفتاء أن كتب الشروح والتفسير، ومنها كشف المشكل لابن الجوزي وعمدة القاري لبدر الدين العيني، أوضحت أن الحديث جاء مرتبطًا بواقعة مزّق فيها كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدعا عليه النبي بأن يُمزّق ملكه كل ممزق، وقد تحققت هذه الدعوة سريعًا؛ إذ تتابع سقوط الملوك حتى انتهى الأمر بتولية ابنته بوران، وهو ما كان علامة على تفكك الدولة وزوال سلطانها.

دلالة الفلاح في الحديث

أشارت دار الإفتاء إلى أن دلالة لفظ "الفلاح" الوارد في الحديث تتعلق بالبقاء والفوز والاستمرار، وهو معنى يلائم السياق التاريخي الخاص بزوال ملك كسرى وقومه، ولا يمكن حمله على أن كل أمة تولي امرأة أمرها لا تفلح، وإلا لكان مخالفًا للواقع الذي شهد نجاح نساء في قيادة شعوبهن عبر التاريخ.

لا تعارض مع تولي المرأة المناصب العامة

وشددت دار الإفتاء على أن هذا الفهم الخاطئ للحديث أدى إلى استخدامه ذريعة لحرمان المرأة من حقوقها المشروعة في المشاركة العامة، بينما الحقيقة أن الشريعة لم تمنعها من تولي المناصب أو ممارسة الأدوار القيادية. فالمرأة في الإسلام كانت شريكة في الحياة العامة، وشاركت في البيعة والشورى والتعليم والإفتاء، وكان لها دور بارز في الحضارة الإسلامية.

أكدت دار الإفتاء المصرية أن حديث «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» لا يُستدل به على حرمة تولي المرأة المناصب العامة أو القضاء، لأنه ورد في واقعة خاصة ارتبطت بزوال ملك كسرى، ولا يحمل معنى العموم. ودعت إلى ضرورة فهم النصوص الشرعية في سياقها الصحيح، مؤكدة أن الإسلام أقرّ أهلية المرأة في تحمل المسؤوليات العامة، وأن منعها من ذلك بغير حجة شرعية واضحة يُعد افتئاتًا على مقاصد الشريعة وعدلها.

تم نسخ الرابط