أمانة وحماية|رئيس «مركزية التعليم»: المشاركة المجتمعية من الواجبات الوطنية

قال الدكتور أحمد الشرقاوي رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية، إن ثقافة الوعى بالمشاركة المجتمعية تعد ركنًا أصيلًا في المنظومة المعنية باحترام النظام العام، وهي نوع توعية معتبرة؛ بل إن المشاركة المجتمعية من قبيل الواجبات الوطنية.
ثقافة الوعى بالمشاركة المجتمعية
وتابع في مقالٍ له اليوم: من جملة السمات الأخلاقية، وهي نوع أمانة مستحقة، يجب أن تعطى لأصحابها، ولا تدفع إلا لمستحقيها؛ تحقيقًا للتكامل الوطني والترابط المجتمعي، فهي مما يسهم في صناعة الانتماء، وترسيخ قواعد الصلاح والإصلاح، ومن هنا تتحصَّل المقوِمات الأساسية في المجتمعات الإنسانية الراقية، وإعداد أجيال مؤسسة تأسيسًا صحيحًا، تحمى الأفكار وتصون الأوطان، وتتناقل بينها المحافظة على الوطن وسلامة أرضه وعرضه، على نحو يكفل أداء المجتمع لرسالاته السامية في دنيا الإنسانية، وهذا ما تهدف إلى تحقيقه فكرة النظام العام، من أجل نشر السلام المجتمعي، فالمشاركة المجتمعية استبقاء صلاح، واستدامة إصلاح؛ عملًا بقوله تعالى: " إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب "(سورة هود آية " 88 ")، وقوله أيضًا: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا..." (سورة النساء، الآية 58).
وتابع: من ثم فإن المجتمع المصري ينطلق من هذه القواعد الرئيسة؛ ليصبح رائدًا في صناعة المصلحين في مختلف المجالات الحياتية على النحو الأمثل، من أجل بناء الإنسان وسلامة الأوطان, تحصيلًا للارتقاء بالإنسانية الحقة وبقائها على فطرتها السّوِية, نماءً وأداءً، وهنا يأتي دور مؤسسات الدولة وهيئاتها المختلفة في تحقيق منظومة متكاملة من المشاركة المجتمعية، تحقيقًا للنماء المعرفي والتكامل الإنساني في الأوساط المعرفية، والثقافية، والأخلاقية، والصحية، والمجتمعية، وغيرها من الأوساط والمجالات الأخرى، التى تمس الإنسان في سائر أنماطه المعيشية.
وأكد التعاون البشري والتواصل الإنساني المأمور به شرعًا يجب أن يكون له الأثر البالغ في المجتمعات الإنسانية؛ ليمتزج هذا التعاون والتراحم والتلاحم بأقرانه وأمثاله وأشباهه من الصفات الحميدة الأخرى، يقول سلمان الفارسي - رضى الله عنه- في شأن تعظيم الأعمال الصالحة: " إن الأرض لا تقدس أحدًا إنما يقدس المرءَ عمَلُه "، ومن ثم يتضح من ذلك أن الأمر في الحياة المحمودة إنما مرجعه إلى الإنسان نفسه وما يتخلق به في هذه الحياه، فالنبي- صلى الله عليه وسلم- إنما جاء مؤيدًا ومؤكدًا ومبينًا لرسالة السماء، التى تحث على نشر الأمن والأمان والمحبة والسلام، والعدل والإحسان، والأخلاق الرفيعة فى الأوساط الإنسانية كلها، ويحث على تعاون الإنسان مع غيره، عملًا بقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان "( سورة المائدة آية " 2 ")، وبهذا يمكن القول بأن المشاركة المجتمعية نوع أمانة واستبقاء حماية من أجل استقامة النظام العام في المجتمع بأسره؛ لما لذلك من إسهام فعَّال في حفظ قيم المجتمع الرئيسة وصون آدابه العامة، يقول أحد البلغاء: " من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد أصلَّه، أو حمد حصَّله أو خير أسسَّه، أو علم اقتبسه؛ فقد عق يومَه وظلم نفسَه".
كما أن المشاركة المجتمعية من جملة السمات الأخلاقية، قَال - صلى الله عليه وسلم- : "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا"(رواه الترمذي وحسنه)، لذا، كان النظام العام في المجتمع هو الأداة الشرعية والقانونية المعتبرة في حفظ الحقوق وبقائها على قواعدها وأصولها، وذلك من خلال عمل رشيد، وتعليم قويم، وتوعية مستدامة، ونشر للثقافة المعنية بأخلاق المشاركة المجتمعية، والعمل على تعظيم عصمة دماء العباد واحترام مقدرات البلاد، وحماية الحقوق الإنسانية، والأوقات الزمنية، والمصالح العامة في دنيا الناس، يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-: -ما نَدِمتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غربت شمسُه، نَقَصَ فيهِ أَجَلي، ولم يزدَدْ فيه عملي"، وقال أيضا:: "إني لأبغض الرجلَ أراه فارغًا لا في أمر دنياه ولا في أمرِ آخرت، ويقول الحسن البصري- رحمه الله - -: "ما من يومٍ ينشقُ فجرُه إلا وينادي يا ابنَ آدم: أنا خلقٌ جديدٌ؛ وعلى عملِك شهيدٌ فتزودْ مني فإني إذا مضيتُ لا أعودُ إلى يومِ القيامةِ، ويقول: يا ابنَ آدم إنما أنتَ أيامٌ كلما ذهبَ يوم ذهب بعضُك".، ويقول عمر بن عبد العزيز – رضى الله عنه – " إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل أنت فيهما".