عاجل

«غيرة راشدة لا غلو فيها».. د. أيمن أبو عمر: التربية على الدين تبدأ بالعلم

الدكتور أيمن أبو
الدكتور أيمن أبو عمر

دعا الدكتور أيمن أبو عمر، أحد علماء وزارة الأوقاف، إلى ضرورة غرس الغيرة على الدين في نفوس النشء، مع التأكيد على أن تكون غيرة واعية منضبطة، تُبنى على العلم الصحيح والفهم السليم، لا على الانفعال أو الجهل الذي يفضي إلى الغلو والتشدد.

أيمن أبو عمر: التربية على الدين تبدأ بالعلم لا بالانفعال

وأكد الدكتور أبو عمر خلال لقائه في برنامج "منبر الجمعة" المذاع على قناة "الناس"، أن جوهر الإسلام هو الاعتدال، مستدلًا بقوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا"، مبينًا أن الوسطية في الإسلام ليست حيادًا ولا تهاونًا، بل هي عدالة وتوازن، تعكس مقاصد الشريعة التي تقوم على التيسير ورفع الحرج عن الناس.

وأوضح أن التدبر في آيات القرآن الكريم يبين أن إرادة الله سبحانه وتعالى لعباده هي الهداية والرحمة، كما جاء في قوله تعالى في سورة النساء:
"يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم، والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما".
وأشار إلى أن هذا النص الإلهي يكشف بوضوح الفارق بين رحمة الله ومقاصده في التوبة والهداية، وبين ما يريده أعداء الدين من انحراف وضياع وتشويه للثوابت.

وشدد الدكتور أيمن على أن الغلو لا يصدر عن غيرة حقيقية على الدين، بل غالبًا ما يكون نتاجًا لضعف الإيمان وقلة العلم، مشيرًا إلى أن هناك شهوات خفية تتلبس ثوب الغيرة، مثل حب التميز والتصدر وادعاء امتلاك الحق المطلق. وهي شهوات يزينها الشيطان لصاحبها، حتى يظن أنه على صواب وهو في الحقيقة من أهل الغلو والانحراف.

وأضاف أن من أخطر أسباب الغلو في العصر الحديث هو تبني بعض الأفراد لأفكار متطرفة وأيديولوجيات هدامة، تُسوق للناس على أنها غيرة على الدين، بينما هي في حقيقتها تسعى لهدم الأوطان وبث الفرقة وتشويه صورة الإسلام، داعيًا إلى ضرورة التحصن بالوعي، وعدم الانخداع بالمظاهر أو الشعارات الجوفاء.

وبيّن أن الغيرة على الدين فطرة لا تُنزع من القلب السليم، لكنها تحتاج إلى توجيه صحيح، يقوم على بصيرة شرعية وعقل راجح. فكم من غيور ضلّ الطريق حين غابت عنه معالم العلم، فظن أن الانفعال طريق النصرة، وهو في الحقيقة سبيل إلى الفتنة والفرقة.

كما أشار إلى أن العلماء قديمًا بيّنوا الفرق بين الغيرة الممدوحة والغيرة المذمومة، فقالوا: "التشدد يحسنه كل أحد، أما العلم فهو الرخصة من ثقة"، أي أن كل إنسان يستطيع أن يشتد ويغلو، لكن التوازن لا يصدر إلا عن علم وفهم عميق.

واختتم الدكتور أيمن أبو عمر حديثه بالتأكيد على أهمية تربية الأجيال الجديدة تربية علمية فكرية واعية، تُعلي من شأن الرحمة والعقل، وتصنع شبابًا غيورًا على دينه دون تشدد، واعيًا بمقاصد شريعته، قادرًا على التمييز بين النصرة الحقيقية للدين، والانحراف المغلّف بشعارات براقة.

تم نسخ الرابط