مرفأ بيروت.. وزير العدل اللبناني يؤكد: «لا استقرار دون محاسبة القتلة»

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، أمس، مشهدًا مهيبًا مع حلول الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، حيث تجمّع الآلاف من المواطنين في محيط الميناء البحري، رافعين العلم اللبناني الملطخ بدماء الضحايا، ومرددين شعارات تطالب بـ"الحقيقة والعدالة"، ومحاسبة المتورطين في واحدة من أفظع الكوارث الوطنية في تاريخ لبنان.
دعوات لإنجاز التحقيق
الهتافات التي ملأت المكان عبّرت عن وجع الغضب الشعبي المتجدد كل عام، حيث أكد المتظاهرون أن الوقت قد حان لكشف ملابسات الانفجار الذي هزّ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، وأدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف، فضلًا عن دمار هائل في البنية التحتية وخسائر اقتصادية جسيمة.
ورفع المشاركون لافتات تطالب بالإسراع في إنجاز التحقيق العدلي، وتوجيه الاتهامات لكل من يثبت تورطه، دون استثناءات أو حصانات سياسية أو طائفية، مؤكدين أن "دماء أبنائنا لن تُنسى، ولن تسقط بالتقادم".
وزير العدل يوضح الموقف
في هذا السياق، قال عادل نصار، وزير العدل اللبناني، خلال مشاركته في مراسم إحياء الذكرى التي نقلتها قناة "القاهرة الإخبارية"، إن التحقيق في قضية الانفجار شهد تقدمًا كبيرًا خلال الأشهر الأخيرة، مشددًا على أن "العدالة هي حق مقدس لعائلات الضحايا، ولا يمكن للبنان أن ينعم بالاستقرار دون كشف الحقيقة ومحاسبة من تسبب في هذه الفاجعة".
وأكد عادل نصار أن الملف لا يزال يخضع لمسار قضائي دقيق، مضيفًا: "لا يمكن تحديد موعد صدور القرار الاتهامي حتى الآن، لأن المسألة ترتبط بسير التحقيق وظروف الملف"، مؤكدًا أن القاضي العدلي يؤدي دوره بمسؤولية، وأن وزارة العدل تتابع مجريات القضية عن كثب.
نداءات العائلات المنكوبة
وخلال الوقفة الشعبية، تحدث والد أحد ضحايا الانفجار، بكلمات مؤثرة قائلاً: "أنا كأب فقدت ابني في الساعات الأولى بعد الانفجار، ولم أتمكن حتى من رؤيته، كل ما نريده هو الحقيقة والعدالة. هذا وعد لكل من فقد عزيزًا، بأن الدولة لن تتقاعس عن محاسبة المسؤولين مهما علت مناصبهم".
وأكد أن اللبنانيين، رغم الألم، ما زالوا مصممين على بناء دولة القانون، التي تحمي أبناءها وتضمن عدم تكرار مثل هذه الكوارث، مضيفًا: "هذا يوم حزين في تاريخ لبنان، وجراح بيروت لن تلتئم إلا بتحقيق العدالة".
اتهامات بالعرقلة السياسية
ورغم تصريحات وزير العدل الإيجابية، عبّر عدد من المتظاهرين عن قلقهم من بطء مسار التحقيق، وسط ما وصفوه بـ"الضغوط السياسية والتدخلات التي تعرقل المحاسبة". وأشار بعض الناشطين إلى أن الملف تعرض منذ بداياته لسلسلة من العرقلة المتعمدة، بما في ذلك تغيير المحققين العدليين والتلويح بحصانات نيابية ووزارية.
وشدد المحتجون على أن العدالة في قضية المرفأ تمثل اختبارًا حقيقيًا لمصداقية الدولة اللبنانية، مشيرين إلى أن صبرهم بدأ ينفد، وأن استمرار المماطلة يهدد بثورة شعبية جديدة تطالب بإسقاط منظومة الإفلات من العقاب.

دعوات لتحقيق دولي
وفي ظل التباطؤ الحاصل، جدد بعض أهالي الضحايا مطالباتهم بتدويل التحقيق، داعين المجتمع الدولي إلى التدخل من خلال لجنة تحقيق مستقلة تضمن الشفافية والمساءلة، مؤكدين أن الثقة في القضاء المحلي تراجعت بسبب الضغوط السياسية وغياب الإرادة الحقيقية لمحاسبة المتورطين.
واختتمت المسيرة الشعبية بتأكيد المشاركين على أن الذكرى لن تمر كأي يوم عادي، بل ستكون محطة متجددة لتذكير العالم بمأساة لم يُطوَ ملفها بعد، ورسالة واضحة بأن بيروت لن تصمت، والعدالة ليست ترفًا بل ضرورة وطنية.