عاجل

ما حكم تبرع الإنسان ببعض أعضائه بعد موته؟ الإفتاء توضح

الموت
الموت

أوضحت دار الإفتاء أنه يجوز تبرع الإنسان ببعض أعضائه بعد موته من الناحية الشرعية ما دامت المصلحة التي تعود على الحيّ متحققة، ولا يُعد ذلك انتهاكًا لحرمة الميت، نظرًا لوجود ضرورة معتبرة تبرر هذا التصرف، بشرط ألا يكون للميت أهل، فإن وُجد له أهل، فلا يجوز الإقدام عليه إلا بعد الحصول على إذنهم.

تبين من خلال البحث في هذا الموضوع أن الشريعة الإسلامية قد أولت حرمة الميت اهتمامًا كبيرًا، وأمرت بالمحافظة عليه وتكريمه بعد وفاته، ومنعت التعدي عليه بأي صورة من الصور. فقد ورد عن النبي ﷺ أنه نهى عن كسر عظم الميت، وبيّن أن ذلك ككسره حيًّا، في إشارة واضحة إلى أن للميت حرمةً كحرمة الحيّ.

وبناءً على ذلك، فإن التعدي على جثمان الميت، كإخراج عينه مثلًا، يُعدّ في الأصل غير جائز شرعًا، لما فيه من انتهاك لحرمته. لكن قد تطرأ ضرورة تُقدَّر بقدرها، تجعل من هذا الفعل جائزًا، متى ما كانت المصلحة الناتجة عنه أعظم من الضرر الواقع على الميت. فالشريعة الإسلامية قائمة على تحقيق المصالح الراجحة ودفع المفاسد، وتقديم الضرر الأخف إذا كان في ذلك جلب لمصلحة أكبر.

فإذا ثبت أن أخذ عين الميت من أجل زرعها أو استخدامها في ترقيع قرنية أحد المكفوفين يعود بمصلحة عظيمة على هذا الحي، وكانت هذه المصلحة تفوق الضرر المترتب على الميت، جاز ذلك شرعًا، ما دام يتم وفق ضوابط واضحة، ولا يشتمل على امتهان للميت أو اعتداء عليه لغير حاجة ملحّة.

وقد أفتينا بجواز تشريح جثث الموتى ممن لا ورثة لهم بعد وفاتهم، إذا كان ذلك بغرض تحقيق مصلحة عامة، كالتعليم الطبي، أو الكشف عن أسباب الوفاة في القضايا الجنائية، أو المساعدة في علاج مرضى آخرين، بناءً على القاعدة الأصولية القائلة: “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب”.

وعليه، فإن استخراج عين الميت بعد وفاته – بشرط ألا يكون له أهل يعارضون – بهدف حفظها في “بنك العيون” لاستخدامها لاحقًا في عمليات زرع القرنية، يعد جائزًا من الناحية الشرعية، نظرًا لقيام الضرورة، ولرجحان مصلحة الحي المكفوف التي تتحقق بهذا الإجراء.

أما في حالة وجود أهل للمتوفى، فلابد من الحصول على إذنهم الصريح قبل الإقدام على هذا التصرف، فإن وافقوا فلا حرج في ذلك، وإن رفضوا لم يجز التعدي عليه. ولا إثم فيمن أذن أو تبرّع بهذا العمل إذا كانت المصلحة المترتبة عليه معتبرة وراجحة شرعًا

تم نسخ الرابط