عاجل

ما حكم وضع السيراميك على المقابر ؟ الإفتاء توضح الضوابط

المقابر
المقابر

تثير مسألة وضع السيراميك أو البلاط على المقابر تساؤلات متكررة ، خاصة في ظل ما تشهده بعض المقابر من مظاهر التجميل والبناء المتطور، الذي قد يراه البعض نوعا من الترف أو التفاخر، بينما يراه آخرون وسيلة لحماية القبر من عوامل الزمن والرطوبة، وحفظًا لحرمة الميت وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أنه لا حرج من الناحية الشرعية في تغطية المقابر من الخارج بالبلاط أو السراميك ونحوهما، إذا كان الهدف من ذلك حماية القبر من تأثير الرطوبة وتفكك التربة، أو للمحافظة عليه من التآكل بسبب العوامل الجوية، ما دام هذا الإجراء يُسهم في تثبيت القبر وإغلاقه بشكل محكم، بما يضمن بقاءه ساترًا لمن فيه ومُواريًا له. وذلك كله بشرط ألا يكون الأمر لغرض التزيين أو المباهاة

حكمة دفن الميت في الشريعة الإسلامية


من مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان أنه شرع له الدفن بعد الموت، ليُوارى جسده ويُستتر عن الأعين، حمايةً لحرمته، وصونًا لجسده من الانكشاف أو التعرّض للهوام والسباع، أو من أن تنبعث منه الروائح، أو أن يُنتهك بالقصد أو العبث؛ قال تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: 55]، وامتنَّ سبحانه على عباده بقوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ۝ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25–26]، وقال أيضًا: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: 21]، مشيرًا بذلك إلى النعمة في الإقبار لا مجرد الإماتة.

ما يُعد قبرًا شرعًا
القبر في اللغة ما يُستتر فيه الميت، ويدلُّ على الانخفاض والدفن؛ كما ذكر ابن فارس في “مقاييس اللغة” أن أصل الكلمة يعود إلى معاني الستر والانخفاض.
وقد بيَّن الفقهاء أن الحد الأدنى المقبول شرعًا ليُطلق على الحفرة اسم “قبر” هو أن تكون بعمق وسعة تكفي لموارة جسد الميت، وتحقق غرض صون رائحته عن الانتشار، ومنع السباع من الوصول إليه، سواء كان بأسلوب اللحد، أو الشق، أو غير ذلك كالفَساقي ونحوها.
ومن أقوالهم:
• قال ابن عابدين الحنفي في “رد المحتار”: المقصود من عمق القبر هو منع الرائحة والنبش من قبل السباع.
• وقال البجيرمي الشافعي: الضابط للدفن المقبول شرعًا أن يكون مانعًا للرائحة والحيوانات.
• وقال البهوتي الحنبلي: يكفي من القبر ما يحقق هذا الغرض، إذ لم يرد في الشرع تحديدٌ دقيقٌ لعمقه أو شكله، بل يُرجَع فيه إلى ما يحقق المقصود.

حكم الدفن في الفساقي، ووضع السيراميك على القبور
في مصر ونحوها من البلدان ذات الأرض الرطبة أو الرملية، جرت العادة على استخدام الفَساقي – وهي غرف صغيرة تُبنى لتُدفن فيها الأجساد – سواء كانت تحت الأرض أو فوقها. وقد أجاز هذا الأسلوب جمع من فقهاء المذاهب الأربعة، ما دام القبر محكمًا، يحفظ الجثمان ويمنع تسرب الروائح أو وصول الهوام إليه.

واعتبر الفقهاء ما يحقق صيانة جسد الميت وتوفير الحماية له أمرًا معتبرًا شرعًا، فأجازوا دفنه في تابوت من حجر أو خشب أو غيره عند الحاجة، كما أباحوا استعمال البلاط أو القصب أو الحجارة داخل القبر إذا كان في ذلك حفظ لكرامة الميت، وأجازوا ترميم القبور أو تقوية جدرانها إذا خيف من سقوطها أو اندراسها.

ومن أقوالهم في ذلك:
• الزيلعي الحنفي أباح اتخاذ التابوت من حجر أو حديد مع تبطينه بالتراب عند رخاوة الأرض.
• العيني الحنفي نقل عن “صاحب المنافع” تفضيل الشق في الديار الرخوة، مع جواز استخدام الطوب أو الخشب أو حتى التوابيت الحديدية.
• ابن نجيم الحنفي أكد جواز البناء في القبور لحمايتها، خاصة في الأرض اللينة.
• النووي الشافعي ذكر أن دفن الميت في التابوت مكروه إلا في الأرض الرطبة، فتصير الحاجة مبررة.
• البهوتي الحنبلي أباح تغطية اللحد بالبلاط لأنه في معنى اللبن المستخدم في التغطية.

وكذلك نص الفقهاء على أن الترميم أو استخدام السيراميك ونحوه إذا كان القصد منه تقوية البناء ومنع التهالك والاعتداء، فلا كراهة فيه، إذ الكراهة تزول عند الحاجة.
• قال الشرنبلالي الحنفي: تُكره الزينة في القبور إذا كانت لمجرد التفاخر، أما إذا كانت لدرء الأذى فلا كراهة.
• وذكر الطحطاوي أن ما جرت عليه عادة المصريين من وضع الحجارة لحفظ القبور لا بأس به

تم نسخ الرابط