محمود بسيوني: مصر صاحبة فكرة الدولة.. والمواطن هو البطل الحقيقي |فيديو

أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، محمود بسيوني أن مصر كانت دائمًا النموذج الأول لفكرة الدولة بمؤسساتها القوية والمتماسكة، مشيرًا إلى أن تجربة الدولة الحديثة كما نعرفها اليوم بدأت من مصر، حيث وُجد الجيش النظامي والمؤسسات الأمنية والمجتمعية منذ آلاف السنين.
وأوضح محمود بسيوني، خلال لقائه في برنامج برلمان المواطن على قناة المحور، أن مصر تميزت عن غيرها من دول المنطقة بصلابة مؤسساتها واستمراريتها، معتبرًا أن هذه المؤسسات لم تكن طارئة أو وليدة اللحظة، بل جاءت امتدادًا لنزعة متأصلة لدى الشعب المصري نحو بناء الدولة المنظمة.
المؤسسات متماسكة ومستقرة
قال محمود بسيوني إن ما يُعرف بـ"الدولة العميقة" في مصر لا يجب النظر إليه بسلبية، بل على العكس، هو عنصر استقرار وضمان لاستمرار الدولة في أصعب الأوقات، مضيفًا: "البعض يرى أن الدولة العميقة تمثل تهديدًا، لكن في مصر، هي إحدى نقاط القوة التي تمنح البلاد استقرارًا طويل المدى".
وأشار محمود بسيوني إلى أن الرشادة والحكمة في القيادة السياسية تلعب دورًا أساسيًا في توجيه المؤسسات نحو العمل من أجل الصالح العام، مؤكدًا أن ما يميز مصر هو التكامل بين الشعب والقيادة ومؤسسات الدولة، وهو ما لا يتوفر في العديد من الدول المحيطة.
المقارنة مع الإقليم
أوضح محمود بسيوني أن تجارب عدد من دول الجوار أثبتت أن وجود الجيش وحده لا يكفي للحفاظ على الدولة إذا غاب القرار الرشيد، مشيرًا إلى مثال العراق، الذي كان يمتلك جيشًا قويًا، لكنه واجه انهيارًا بسبب الصراعات المذهبية والطائفية الكامنة.
وتابع محمود بسيوني: "سوريا أيضًا واجهت الانقسامات، سواء على أسس طائفية أو مناطقية، ما جعلها عرضة للتفكك، في حين أن مصر ظلت متماسكة لأنها لا تعاني من تلك التناقضات البنيوية، بل تملك نسيجًا اجتماعيًا متماسكًا، وقاعدة مؤسسات قوية".
القيادة والمجتمع المتماسك
أكد محمود بسيوني أن الرشاد في القرار السياسي هو ما يصنع الفارق بين دولة وأخرى، مضيفًا أن القيادة في مصر استطاعت أن تتجاوز مراحل دقيقة وصعبة بفضل الحكمة والوعي الكامل بطبيعة الشعب وتاريخه.
وشدد محمود بسيوني على أن المجتمع المصري بطبيعته يميل إلى احترام النظام والدولة، موضحًا أن هذا الميل ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى آلاف السنين منذ الحضارة الفرعونية، حيث عرف المصريون التنظيم الإداري والسياسي، وكانوا يقدّسون سلطة الدولة ورموزها.
نزعة دولتيّة راسخة
قال محمود بسيوني إن المصريين يمتلكون نزعة فطرية نحو الدولة والانضباط، لافتًا إلى أن البلاد النهرية مثل مصر تميل دائمًا إلى النظام والسلطة المركزية، وذلك نظرًا لطبيعة الحياة الزراعية والإدارية التي نشأت على ضفاف النيل.
وأضاف محمود بسيوني أن فكرة وجود "الكبير" سواء في العائلة أو الدولة متجذرة في الثقافة المصرية، وهذه السمة تحافظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي مهما تبدلت الأزمنة والأنظمة.
تطور مستمر للمؤسسات
أشار محمود بسيوني إلى أن الدولة المصرية لا تكرر أخطاءها مرتين، بل تعمل على تطوير نفسها باستمرار، بما يتوافق مع تطلعات شعبها والمتغيرات العالمية، قائًلا: "هذا التطور يظهر في جميع مؤسسات الدولة، من الإدارة المحلية إلى أجهزة الأمن والاقتصاد والسياسة".
وأضاف محمود بسيوني أن المصريين يعرفون قيمة مؤسساتهم، ولذلك لا يسمحون بانهيارها، مؤكدًا أن الشعب يقف حائط صد أمام محاولات تفكيك الدولة أو التشكيك في مؤسساتها، كما حدث في أحداث 25 يناير، وما تلاها من تصحيح في 30 يونيو.
البطل الحقيقي هو المواطن
شدد محمود بسيوني على أن المواطن المصري هو البطل الحقيقي في مشهد بناء الدولة الحديثة، لأنه دائمًا ما يقف في الصفوف الأمامية لحماية مؤسسات وطنه في أوقات الأزمات والاختبارات الكبرى.
وأوضح محمود بسيوني أن المصريين يدركون حجم التهديدات والمخاطر المحيطة بوطنهم، وهم على استعداد للتضحية من أجل الحفاظ على استقراره، قائلاً: "هذا الشعور هو الذي يجعل المواطن يحرص على المشاركة في الانتخابات، ويحمي الشرعية، ويحترم القانون والدستور".
مفهوم الدولة متجذر
لفت محمود بسيوني إلى أن مفهوم الدولة في مصر لا يقتصر على النصوص الدستورية أو الهياكل الرسمية، بل هو متجذر في وجدان الناس وتركيبتهم النفسية والثقافية، ولهذا يصعب تفكيك الدولة أو إسقاطها كما حدث في دول أخرى.
وأضاف محمود بسيوني أن المصريين يشعرون دائمًا بأن هناك من يتربص بوطنهم، وهذا الشعور يدفعهم للتمسك أكثر بمؤسسات الدولة، باعتبارها الضمانة الوحيدة للبقاء والاستقرار والكرامة الوطنية.
لا عودة للفوضى
أكد محمود بسيوني أن الدولة المصرية تعلمت من دروس الماضي، ولم تعد تسمح بالوقوع في نفس الأخطاء، مشيرًا إلى أن ما حدث خلال العقد الأخير ساعد في ترسيخ ثقافة جديدة لدى المواطن والمؤسسات على السواء.
وقال محمود بسيوني إن الدولة اليوم باتت قادرة على إدارة أي أزمة بمرونة وثقة، بفضل ما اكتسبته من خبرات سياسية وأمنية ومجتمعية منذ 2011 وحتى الآن، مضيفًا أن التجارب السابقة عززت مناعة الدولة ضد الفوضى والتفكك.

الرهان على الوعي
اختتم محمود بسيوني حديثه بالتأكيد على أن رهان الدولة الحقيقي هو على وعي المواطن المصري، لأنه هو من حمى التجربة الديمقراطية من الانحراف، وهو من رفض مشاريع الفوضى والتقسيم التي ضربت دولاً أخرى في المنطقة.
وذكر محمود بسيوني إن الاستقرار الذي تعيشه مصر اليوم ليس نتيجة الصدفة، بل هو نتاج مشروع وطني متكامل، شارك فيه المواطن إلى جانب القيادة ومؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن المستقبل السياسي للبلاد سيكون أكثر إشراقًا طالما ظل هذا التماسك قائمًا.