عاجل

أحمد هارون يكشف طرق التحكم في الغضب: كظم الغيظ لا يعني كبت المشاعر |فيديو

الدكتور أحمد هارون
الدكتور أحمد هارون

أكد الدكتور أحمد هارون، استشاري الصحة النفسية، أن الغضب ليس عيبًا نفسيًا أو علامة على الخلل، بل هو شعور إنساني طبيعي وفطري، موضحًا أن النبي محمد ﷺ عندما قال "لا تغضب"، لم يكن يقصد إنكار وجود الغضب، وإنما الدعوة إلى التحكم فيه والتعامل معه بوعي.

وأوضح أحمد هارون، خلال لقائه في برنامج الستات مايعرفوش يكدبوا، المذاع على قناة CBC الفضائية، أن الكثيرين يسيئون فهم الحديث الشريف، ويتعاملون مع الغضب كأنه ضعف أو مرض، فيبدأون في البحث داخليًا عن طريقة "لإلغاء" الغضب، وكأن هناك زرًا سحريًا يمكنهم من ذلك، معتبرًا أن هذا الطرح لا يمت للواقع أو للعلم النفسي بصلة.

لكل شخص بصمته

وأشار أحمد هارون إلى أن التحكم في النفس عند الغضب هو المهارة الحقيقية المطلوبة، وأن هذه المهارة تختلف باختلاف السمات الشخصية لكل إنسان، فهناك من يكبت انفعالاته، وهناك من ينفجر فورًا، لافتًا إلى أن كل شخص لديه بصمة نفسية يجب فهمها قبل تقديم النصيحة أو التوجيه.

وشدد أحمد هارون على أن كظم الغيظ لا يعني كبت المشاعر أو الصبر الأعمى على الضغوط والأذى، بل هو قدرة مكتسبة بالتدريب النفسي، مشيرًا إلى قوله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)، الذي يعترف بوجود الغيظ والغضب، لكنه يدعو إلى تهذيب النفس في التعامل معهما، لا إنكارهما أو قمعهما.

العفو ليس فوريًا

وكشف أحمد هارون أن العفو عن الآخرين، خاصة في حالات الأذى النفسي أو الإساءات المتكررة، لا يحدث فجأة، بل هو عملية نفسية تدريجية تمر بثلاث مراحل متدرجة، تبدأ أولًا بكظم الغيظ دون رد أو انتقام.

وتأتي المرحلة الثانية، حسب أحمد هارون ، في رفض التعامل مجددًا مع المسيء إن لم يستطع الإنسان أن يسامحه، وهو ما اعتبره حقًا نفسيًا مشروعًا، أما المرحلة الثالثة، فهي الإحسان إلى المسيء، سواء اعتذر أم لا، معتبرًا إياها أعلى درجات التزكية النفسية، ولا يبلغها الإنسان إلا بتدريب طويل وتدرج واعٍ.

العفو والحلم بالتدرب

وأوضح أحمد هارون أن قول النبي ﷺ: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم"، دليل على أن العفو والحِلم ليسا صفات فطرية فقط، بل مهارات يكتسبها الإنسان بالتكرار والمثابرة، وأن من يرى نفسه غير قادر على المسامحة حاليًا، لا يعني أنه سيظل كذلك إلى الأبد.

وأكد أحمد هارون أن الخطأ الأكبر هو مقارنة الذات بالآخرين في القدرة على التسامح أو التحكم بالغضب، فكل شخص له حدوده النفسية وخلفياته، مشددًا على أن التغيير النفسي لا يتم بالقوة أو الإنكار، بل بالرحلة الداخلية المستمرة.

الخطر داخل النفس

وفي رسالة واضحة للباحثين عن التوازن، شدد أحمد هارون على أن الخطر الأكبر لا يكمن في الأشخاص السامين فقط، بل في الطريقة التي نتعامل بها معهم ومع أنفسنا، قائلًا: "لو لم تتعلم كيف تتعامل مع الغضب، فالأذى النفسي سيأتي من داخلك، لا منهم".

ودعا أحمد هارون إلى الاعتراف بالمشاعر أولًا وعدم جلد الذات، ثم ممارسة تدريبات ذهنية ونفسية لتجاوز الانفعال، والتعامل مع المواقف الاستفزازية بهدوء، مشيرًا إلى أن ضبط النفس لا يعني الصمت دائمًا، بل يعني اختيار الطريقة الأذكى في الرد أو التجاهل.

الإعلاميتين منى عبد الغني - إيمان أبو العز
الإعلاميتين منى عبد الغني - إيمان أبو العز

الإنسان يحتاج تدريبًا

واختتم الدكتور أحمد هارون حديثه بالتأكيد على أن الصحة النفسية لا تعني الكمال أو البرود، بل تعني أن يعرف الإنسان نفسه جيدًا، ويُدرك حدود طاقته، ويتعلم كيف يحميها من الانفجار أو الاستغلال، مشيرًا إلى أن دعم المحيطين، واحترام الفروق النفسية، هو أول طريق للشفاء والتحكم في الغضب.

تم نسخ الرابط