«قاعدة فريدمان».. عالية المهدي: إصدار النقود لابد أن يوازي النمو الإنتاجي

حذّرت الدكتورة عالية المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق بجامعة القاهرة، من خطورة الإفراط في طباعة النقود دون وجود غطاء إنتاجي حقيقي، مؤكدة أن الاقتصاد السليم يتطلب أن تكون الكتلة النقدية مرتبطة مباشرة بالنمو الفعلي للإنتاج المحلي.
وخلال لقائها مع الإعلامي خالد أبو بكر في برنامج "آخر النهار" على قناة النهار، أوضحت عالية المهدي أن هذه القاعدة تستند إلى نظرية الاقتصادي الأمريكي الشهير ميلتون فريدمان، الذي شدد على أن الزيادة في إصدار النقود يجب ألا تتجاوز معدل النمو الاقتصادي الحقيقي.
بين النظرية والتطبيق
وأشارت عالية المهدي إلى أن الواقع في مصر خالف هذه القاعدة بشكل واضح، قائلة: "في بعض السنوات، وصلت نسبة طباعة النقود إلى ما بين 17% و25%، في حين أن معدل نمو الناتج المحلي لم يتجاوز 4% إلى 5% فقط".
هذا التباين الحاد، حسب عالية المهدي، خلق فجوة نقدية أدت إلى ارتفاع التضخم بشكل ملحوظ، حيث تضخمت الكتلة النقدية دون وجود زيادة موازية في الإنتاج، ما أدى إلى فقدان النقود لقيمتها الحقيقية وانعكس سلبًا على حياة المواطنين والأسواق.
10% من الأموال المتداولة
وأكدت عالية المهدي أن الفجوة بين النقود المطبوعة والنمو الإنتاجي لم تكن هامشية، بل وصل الأمر إلى أن 10% من الأموال المتداولة في السوق لا يقابلها إنتاج حقيقي، مما ساهم في تسارع وتيرة ارتفاع الأسعار والضغط على الاقتصاد الكلي.
وقالت عالية المهدي: "هذا النوع من التضخم المُستورد من السياسات النقدية لا يرتبط بعوامل خارجية، بل ينبع من قرارات داخلية أدت إلى فقدان التوازن بين العرض والطلب".
العملة الجديدة مؤشر التضخم
أضافت عالية المهدي أن المواطن العادي بات يشعر بآثار هذه السياسات على معيشته اليومية، من خلال الملاحظة المستمرة لتزايد كميات العملات الجديدة في التداول، مشيرة إلى أن ظهور هذه العملات مؤشر مباشر على استمرار طباعة النقود بوتيرة مرتفعة في ظل تراجع القدرة الإنتاجية للاقتصاد.
وأوضحت عالية المهدي أن هذه الظاهرة، رغم كونها قد تبدو تقنية، إلا أن تأثيرها ملموس جدًا على المواطن البسيط، الذي يلاحظ ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتراجع قيمة دخله، وتآكل قدرته الشرائية.

التضخم لا يُحل بالنقد
وشددت عالية المهدي على أن معالجة التضخم لا تتم من خلال "حلول نقدية"، بل تتطلب تعزيز الإنتاج المحلي الحقيقي، وتوسيع القاعدة الصناعية والزراعية، وتشجيع الاستثمار المنتج، مؤكدة أن السياسات المعتمدة على ضخ النقود دون غطاء تؤدي إلى دوامة تضخمية يصعب كبح جماحها.
واختتمت عالية المهدي حديثها بالتأكيد على ضرورة مراجعة السياسات النقدية بما ينسجم مع معايير الاقتصاد الكلي المستقر، داعية إلى ربط إصدار النقود ببرامج إنتاج وتنمية حقيقية قادرة على خلق التوازن والاستقرار النقدي.