حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان.. وما يشرع للرجال والنساء فيه

يرتبط الاعتكاف في أذهان كثير من المسلمين بشهر رمضان المعظم، وبالتحديد في الأيام العشر الأواخر، ومع بقاء نحو ليلتين على استقبال أول الليالي العشر من رمضان نوضح ما ورد في شأن الاعتكاف وأحكامه وما يشرع فيه للرجال والنساء.
والاعتكاف مستحب في كل وقت بحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، سواء أكان في رمضان أم في غيره، وهو في العشر الأواخر من رمضان أفضل منه في غيره؛ لطلب ليلة القدر بالصلاة والقراءة وكثرة الدعاء، فإنها أفضل ليالي السنة.
حكم الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
الاعتكاف سنة مؤكدة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأنه كان يعتكف في مسجده صلى الله عليه وسلم كل عامٍ في العشر الأواخر، إلا في العام الذي قُبِض فيه فاعتكف عشرين يومًا، ولا بد أن يكون في المسجد؛ لقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]؛ لأن النبي صلى الله عليه سلم لم يعتكف إلا فيه. واعتكاف المسلم في المسجد مشروطٌ بأن يكون قد ترك لأهله ما يكفيهم مدةَ اعتكافه؛ حتى لا يضيِّعَ مَنْ يعول.
فيما تقول دار الإفتاء المصرية إن الاعتكاف سنةٌ باتفاق، ولا يلزم إلا بالنذر، أو بالشروع فيه عند السادة المالكية، وقال الحنفية: إنه سنَّة مؤكَّدة في العشر الأواخر من رمضان، ومستحب فيما عدا ذلك؛ بناءً على التفريق بين معنى السنة والمستحب عندهم.
واستدلت بما قاله العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار": [وهو-أي النذر- ثلاثة أقسام: (واجب النذر) بلسانه وبالشروع وبالتعليق ذكره ابن الكمال، (وسنَّة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان) أي سنة كفاية؛ كما في "البرهان" وغيره؛ لاقترانها بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة، و(مستحب في غيره من الأزمنة) هو بمعنى غير المؤكدة] اهـ.
الاعتكاف للرجال والنساء
وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الاعتكاف سنة للرجال والنساء لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يعتكف في رمضان واستقر أخيرًا اعتكافه في العشر الأواخر، وكان يعتكف بعض نسائه معه، ثم اعتكفن من بعده).
وأوضح أن محل الاعتكاف المساجد التي تقام فيها صلاة الجماعة. ويشرع للمعتكف أن يكثر من الذكر وقراءة القرآن والاستغفار والدعاء والصلاة في غير أوقات النهي.
أقل مدة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان
من السٌنة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك. وأقلُّ مدَّةٍ للاعتكاف هي أقل ما يُطْلَقُ عليه اسم الاعتكاف عُرْفًا، وهذا ما ذهب إليه الجمهور؛ فإن الاعتكاف في اللغة يقع على القليل والكثير، ولم يحده الشرع بشيء يخصه فبقي على أصله؛ ولذلك استحب جماعة من الفقهاء للمصلِّي إذا دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف مهما كان مكثه فيه؛ ليحصل له ثوابه.
وأَمَّا أكثر مُدَّة للاعتكاف فلا حَدَّ لها؛ حيث قال الإمام النووي في "المجموع": «وكُلَّما كثُر كان أفضل، ولا حَدَّ لأَكْثَرِه، بل يصحُّ اعتكافُ عُمْرِ الإنسان جميعه، ويصحُّ نذرُ اعتكاف العمر». وقال العلامة ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام": «وأَجْمَع العلماءُ على أن لا حدَّ لأكثره». وبداية الاعتكاف ونهايته يحددها الْمُعْتَكِف بنفسه، فإن نوى اعتكاف مدة معلومة استُحب له الوفاء بها بكمالها، فإن خرج قبل إكمالها جاز؛ لأن التطوع لا يلزم بالشروع، وإن أطلق النِّيَّة ولم يُقَدِّر شيئًا دام اعتكافُه ما دام في المسجد.