عاجل

الصلاة على السقط.. هل نصلي على الجنين الميت في الشهر الخامس؟

 الصلاة على السقط
الصلاة على السقط

هل نصلي على الجنين الميت في الشهر الخامس؟، سؤال نرصد بيانه من خلال ما ذكرته دار الإفتاء ولجنة الفتوى بالأزهر.

وقد عرفت الإفتاء السُّقْط بأنه الولد الذي تضعُهُ المرأة ميتًا، أو قبل تمام أشهره ولم يستهلّ. والطفل إذا عُرِفت حياته واستهلَّ بعد ولادته –وذلك بظهور علامات الحياة عليه؛ كأن يَرْفَع صوته أو يُحرِّك عضوًا من أعضائه-؛ فصلاةُ الجنازة عليه واجبةٌ باتفاق. ينظر: "العناية" لأكمل الدين البابرتي، و"الشرح الكبير" للدردير، و"نهاية المحتاج" للرملي، و"المغني" لابن قدامة.

وتابعت: لا فَرْق في هذه الحالة بينه وبين الكبير، فهي –أي: صلاة الجنازة- حقٌّ للمسلم على أخيه المسلم وإن كان الميت طفلًا صغيرًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ» متفق عليه.

ولفتت إلى أن النصُّ ظاهر الدلالة في كون الصلاة على الميت حق للمسلم؛ قال ابن حجر في "فتح الباري": [معنى الحق هنا الوجوب.. والمراد به هنا وجوب الكفاية].

وأمَّا إذا لم تُعْلَم حياة الطفل المولود –وهو المراد بالسُّقْط- كما مَرَّ؛ فقد اختلف الفقهاء في حكم الصلاة عليه، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في الأظهر إلى أنَّه لا يُصَلَّى عليه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الطفلُ لا يُصَلَّى عَلَيهِ ولا يَرِثُ ولا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهَلَّ» رواه الترمذي في "سننه".

فالحديث يدلّ دلالةً واضحةً على أنَّ السُّقْط لا يُصَلَّى عليه؛ لجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم العلم بحياته حال نزوله شرطًا للصلاة عليه، والسُّقْط لَا يعلم أَنَّه خلقت الْحَيَاة فِيهِ أم لَا فَلم يعلم بِموته، ومن ثَمَّ لا يُصَلَّى عليه.

قال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق": [(ومَن استهلَّ صُلِّي عليه)، والاستهلال أن يكون منه ما يدل على حياته من رفع صوت أو حركة عضو، وحكمه: أَنْ يُغَسَّل ويُسَمَّى ويُصَلَّى عليه ويَرِث ويُورث.. وإن لم يستهلّ لا يُصَلَّى عليه إلحاقًا له بالجُزْء]

وقال العلامة الدردير في "الشرح الكبير": [(فَصلٌ) ذَكَر –أي: الماتن الشيخ خليل- فيه أحكام الموتى (في وجوب غُسْل الميت) المسلم ولو حُكْمًا المتقدم له استقرار حياة، وليس بشهيد معترك، الموجود ولو جُلَّه، لا كافرٍ وسُقْطٍ لم يستهل.. ومَنْ لا يُغَسَّل لفقدِ وصفٍ من الأوصاف الأربعة المتقدمة لا يُصَلَّى عليه].

وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج": [(والسُّقْط).. (إن) علمت حياته بأن (استهلّ)؛ أي: صاح (أو بكى).. (ككبير) فيُغَسَّل، ويُكفَّن، ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَن؛ لتيقّن موته بعد حياته، (وإلَّا) أي: وإن لم يستهلّ، أو لم يَبْك (فإن ظهرت أمارة الحياة كاختلاج) أو تحرّك (صُلِّي عليه في الأظهر).. (وإن لم تظهر) أمارة الحياة (ولم يبلغ أربعة أشهر)؛ أي: لم يظهر خلقه (لم يصلّ عليه) قطعًا لعدم الأمارة.. (وكذا إن بلغها)؛ أي: أربعة أشهر؛ أي: مائة وعشرين يومًا حد نفخ الروح فيه عادة؛ أي: وظهر خلقه لا يُصلَّى عليه وجوبًا ولا جوازًا (في الأظهر) لعدم ظهور حياته] .

وذهب الحنابلة في المعتمد من مذهبهم إلى أنَّه يُصلَّى على السُّقْط إذا وضعته أمّه وله أربعة أشهر، سواء استهلَّ أم لا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «والسُّقْط يُصَلَّى عليه، ويُدْعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» رواه أبو داود في "سننه".

قال العلامة البُهُوتي في "كشاف القناع": [(وإذا ولد السُّقْط لأكثر من أربعة أشهر)؛ أي: لأربعة أشهر فأكثر (غُسِّل وصُلِّي عليه)، نَصَّ عليه في رواية حَرْب].

لكن يرِدُ على ما استدلّ به الحنابلة بأنَّ الحديث مُعارَض بما رواه الحاكم بسنده عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ، وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ»، وبما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ».

كما أنَّه يمكن العمل بالدليلين هنا، وهو -أي: العمل بالدليلين- أولى من إهمال أحدهما؛ ووجه الجمع: أَنَّ السُّقْط يُصَلَّى عليه ويُدْعى لوالديه إذا استهل، ولا يُصَلَّى عليه إن لم يستهل.

وشددت بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ السُّقْط الذي يُصَلَّى عليه هو الذي عُلِمت حياته باستهلال؛ بأن يَحْصُل منه ما يدل على حياته مِن رفع صوتٍ أو حركةِ عضو من أعضائه، أمَّا السُّقْط الذي لم يستهل ولم تظهر عليه أمارة من أمارات الحياة، فلا يُصَلَّى عليه.

ما حكم دفن جنين بدون الصلاة عليه ؟

وفي جواب سؤال دفن الجنين دون الصلاة عليه قالت لجنة الفتوى بالأزهر: ننظر فإن نزل حيا واستهل صارخا وجبت الصلاة عليه ، وإن نزل ميتا لا تجب الصلاة عليه ، وقيل يصلى عليه . وإن نزل حيًا كأن استهل صارخًا وجبت الصلاة عليه

فقد ورد في الحديث عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ « إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وُرِّثَ ». سنن أبى داود (3/ 87). وفي رواية : إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوُرِّثَ . سنن الدارمي (ص: 725). وإن كان الجنين قد تم دفنه بعد نزوله حيا بغير صلاة عليه فتشرع الصلاة عليه عند قبره.

تم نسخ الرابط