رعب التسونامي يجتاح جزر كوريل.. والسلطات الروسية تعلن حالة الطوارئ | فيديو

ضرب زلزال مدمر بلغت قوته 8.8 درجات على مقياس ريختر، فجر الأربعاء، منطقة شبه جزيرة كامتشاتكا الواقعة في أقصى شرق روسيا، بحسب ما أعلنته هيئة المسح الجيولوجي الأميركية. وقد تسببت الهزة الأرضية القوية، التي صنّفها خبراء ضمن أقوى الزلازل المسجلة في العقود الأخيرة، في موجات مدّ عاتية (تسونامي) دفعت عدة دول إلى إصدار تحذيرات طارئة، شملت دولاً تمتد من أقصى شمال المحيط الهادئ إلى أقصاه الجنوبي، بما في ذلك ألاسكا وهاواي في الولايات المتحدة، واليابان والفلبين والمكسيك ونيوزيلندا.
ورغم شدة الزلزال، لم يتم تسجيل إصابات خطيرة أو وفيات حتى اللحظة، إلا أن السلطات المحلية والدولية أعلنت حالة الطوارئ، وقامت بإجلاء آلاف السكان في مناطق عدة خشية من حدوث موجات تسونامي مدمرة أو هزات ارتدادية عنيفة.
الهزة الأقوى منذ أكثر من 70 عاماً في كامتشاتكا
وقالت هيئة الخدمات الجيوفيزيائية الروسية التابعة لأكاديمية العلوم إن الزلزال الذي وقع قبالة ساحل شبه جزيرة كامتشاتكا هو “الأقوى الذي يسجله المركز منذ عام 1952”، وأوضحت الهيئة أن مركز الزلزال كان على عمق 20 كيلومترًا تحت قاع البحر، وتم لاحقًا تعديل قوته إلى 8.7 درجات بعد مراجعة البيانات الزلزالية.
وحذر مسؤولون روس من احتمال وقوع هزات ارتدادية قوية، تصل قوتها إلى 7.5 درجات، قد تضرب المنطقة خلال الأيام والأسابيع المقبلة، وأكدوا أن مثل هذه الزلازل عادة ما تتبع الهزات الرئيسية القوية، وتشكل خطراً مماثلاً على الأرواح والممتلكات.
وقد تم تسجيل أولى موجات التسونامي على سواحل مدينة سيفيرو-كوريلسك الروسية، حيث ارتفع منسوب المياه بنحو 30 سنتيمترًا، وقامت السلطات بإجلاء السكان إلى مناطق مرتفعة فور وقوع الزلزال، كإجراء احترازي، دون تسجيل خسائر بشرية.
اليابان تغلق مطارات وتُجلي قرابة مليون مواطن
وفي اليابان، رُصدت أولى موجات التسونامي في ميناء إيشينوماكي الواقع في محافظة مياغي شمال شرق البلاد، حيث بلغ ارتفاع الموجة نحو 50 سم، بحسب وكالة الأرصاد الجوية اليابانية. وعلّقت السلطات اليابانية خدمات العبارات والقطارات مؤقتًا في عدد من المناطق الساحلية، كما أغلقت مدرج مطار سينداي بصورة احترازية.
وأفادت وكالة إدارة الحرائق والكوارث اليابانية أن أكثر من 900 ألف شخص تم إجلاؤهم من منازلهم في 133 بلدية تقع على طول الساحل الشرقي لليابان المطل على المحيط الهادئ، كإجراء وقائي من تداعيات تسونامي محتمل، وأكدت الحكومة اليابانية أنها لم تسجل حتى الآن أية أضرار في محطات الطاقة النووية، بما في ذلك محطة فوكوشيما دايتشي النووية، والتي كانت قد تضررت بشدة إثر زلزال وتسونامي عام 2011، وأوضحت الشركة المشغلة للمحطة أن نحو 4000 عامل تم نقلهم إلى أماكن آمنة داخل المنشأة، وتمت متابعة الوضع الإشعاعي بشكل دائم دون رصد أي تسربات.
تحذيرات طارئة في هاواي وألاسكا والساحل الغربي الأمريكي
وفي الولايات المتحدة، أعلن مركز التحذير من التسونامي في المحيط الهادئ، التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، عن تحذيرات عاجلة شملت أجزاء من هاواي وألاسكا، إضافة إلى سواحل كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن.
في هاواي، صدرت أوامر بإخلاء عدد من المناطق المنخفضة في العاصمة هونولولو، حيث تسببت هذه التحذيرات في ازدحام مروري شديد، مع تدفق السكان نحو المناطق المرتفعة. وأوضحت السلطات أن الموجات الأولى للتسونامي قد تصل إلى هاواي مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي، محذّرة من أن التسونامي ليس موجة واحدة فقط، بل "سلسلة من الأمواج يمكن أن تمتد لساعات طويلة، وقد تكون الأمواج التالية أكبر من الأولى".
كما أُصدرت تحذيرات مماثلة في أجزاء من ألاسكا، خصوصًا في سلسلة جزر ألوتيان، مع توقعات بأن يصل ارتفاع الأمواج إلى أكثر من متر في بعض المناطق. ودعت السلطات السكان إلى عدم الاقتراب من الشواطئ أو الأرصفة البحرية.
كندا: تحذيرات على سواحل كولومبيا البريطانية
وأعلنت وكالة البيئة الكندية عن تحذيرات من تسونامي على الساحل الغربي، لا سيما في جزيرة فانكوفر وجزيرة لانجارا، حيث طُلب من السكان متابعة الإرشادات الرسمية والابتعاد عن المناطق الساحلية.
وأوضحت السلطات أن الموجات قد تستمر لعدة ساعات، وأنه من المرجح أن تحدث عدة موجات متتالية غير منتظمة في الحجم والقوة، مما يضاعف خطورة الموقف.
نيوزيلندا: تحذيرات رغم بُعد المسافة
وفي نيوزيلندا، وعلى الرغم من بُعدها الجغرافي الكبير عن مركز الزلزال (أكثر من 9 آلاف كيلومتر)، فقد أصدرت وكالة إدارة الطوارئ تحذيراً فورياً من تسونامي محتمل، ودعت السكان في المناطق الساحلية إلى الابتعاد عن الشواطئ فوراً.
وقالت الوكالة إن “تيارات قوية وغير معتادة يمكن أن تحدث على طول الساحل الشرقي للبلاد، وقد تُسجَّل ارتفاعات مفاجئة لمستوى سطح البحر”، حتى إن لم تكن هذه الأمواج مرئية على الفور.
الفلبين والمكسيك ترفعان مستوى التأهب
وفي جنوب شرق آسيا، أصدر المعهد الفلبيني لعلم البراكين والزلازل تحذيرًا من تسونامي يمكن أن يصل ارتفاعه إلى متر واحد على السواحل الشرقية، ونصحت السلطات السكان بالابتعاد عن الشواطئ وعدم ممارسة أي نشاطات بحرية حتى صدور إشعار رسمي بإلغاء التحذير.
وفي المكسيك، حذرت البحرية من احتمال وصول أمواج تسونامي إلى ساحل مدينة إنسينادا الواقعة على ساحل المحيط الهادئ، على أن تمتد إلى مناطق جنوبية مثل ولاية تشياباس، وأوصت السلطات المواطنين بالبقاء في منازلهم والابتعاد عن الخط الساحلي حتى إعلان انتهاء حالة التأهب.
أضرار بالبنية التحتية وانقطاع خدمات في روسيا
وفي مدينة بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي الروسية، الواقعة قرب مركز الزلزال، أبلغت السلطات المحلية عن أضرار مادية طالت بعض المباني والبنية التحتية، إضافة إلى انقطاع الكهرباء وخدمات الهاتف المحمول في عدة مناطق.
وقالت وزارة الصحة في إقليم كامتشاتكا إن عدداً من المواطنين لجؤوا إلى المستشفيات والمراكز الطبية طلبًا للمساعدة، لكن لم تُسجَّل حتى الآن إصابات خطيرة أو حالات وفاة نتيجة الزلزال.
الزلزال الأقوى عالميًا منذ فوكوشيما 2011
ويُعد هذا الزلزال هو الأقوى على مستوى العالم منذ الزلزال المدمر الذي ضرب شمال شرق اليابان في 11 مارس 2011، وبلغت قوته حينها 9.1 درجات، متسببًا في موجات تسونامي هائلة أودت بحياة أكثر من 18 ألف شخص، وأدت إلى كارثة نووية في محطة فوكوشيما.
وعلى الرغم من أن تداعيات زلزال كامتشاتكا حتى الآن تبدو أقل من تلك الكارثة، فإن السلطات في مختلف الدول أكدت أن الخطر لا يزال قائمًا، لاسيما مع استمرار احتمال وقوع موجات تسونامي إضافية وهزات ارتدادية قد تُلحق أضرارًا لاحقة خلال الأيام المقبلة.