عاجل

من الظل إلى الأسطورة.. كيف صنعت موسكو أقوى قوات خاصة في العالم؟

وحدة ألفا
وحدة "ألفا"

تُعد وحدة "ألفا" من أشهر وأخطر وحدات القوات الخاصة في روسيا والعالم، وقد وُلدت هذه القوة الأسطورية في زمن الاتحاد السوفيتي، بقرار من رئيس جهاز "كي جي بي" الشهير يوري أندروبوف، في 29 يوليو 1974، لتصبح لاحقًا الذراع الخفية التي تقف خلف العمليات "المستحيلة" التي تنفذها موسكو، حسبما ذكرت قناة “روسيا اليوم”.

نفذت عشرات العمليات الناجحة التي أنقذت آلاف الأرواح

منذ نشأتها، ارتبط اسم "ألفا" بأكثر المهام حساسية وخطورة، خصوصًا تلك المتعلقة بتحرير الرهائن ومكافحة الإرهاب، حيث نفذت عشرات العمليات الناجحة التي أنقذت آلاف الأرواح، وكانت دائمًا على خط المواجهة مع أكثر التهديدات تعقيدًا داخل روسيا وخارجها.

في بدايتها، كانت "ألفا" تتبع جهاز أمن الدولة السوفيتي "كي جي بي"، وواصلت نشاطها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي تحت مظلة جهاز الأمن الفدرالي الروسي "FSB"، لتصبح رأس الحربة في التصدي للعمليات الإرهابية وتعقب المتطرفين والقضاء عليهم.

لكن القصة أعمق من مجرد وحدة قتالية. ففكرة القوات الخاصة في روسيا تعود إلى عام 1918، حين تأسست أولى هذه التشكيلات تحت إشراف "الفي تشي كا" الجهاز الأمني الذي كان معنيًا بمكافحة الثورة المضادة. لاحقًا، وفي عام 1950، شهدت القوات الخاصة تطورًا كبيرًا حين أصدر المارشال ألكسندر فاسيليفسكي أوامر بتشكيل 46 سرية خاصة، كل منها تضم 120 عنصرًا، وكان هذا إيذانًا بتوسعة غير مسبوقة في قدرات النخبة العسكرية.

مع مرور السنوات، تطورت البنية التنظيمية للقوات الخاصة، فأصبحت تحت إشراف مديرية الاستخبارات العسكرية، وامتدت لتشمل فروع الجيش السوفيتي كافة – البرية، والجوية، والبحرية، والمحمولة جوًا، وفي ذروة قوتها، بين سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كان الجيش السوفيتي يمتلك 13 لواءً خاصًا، شاركت وحداته في ساحات متعددة مثل أنغولا، وموزمبيق، وإثيوبيا، وفيتنام، وكوبا، ونيكاراغوا، وصولًا إلى الحرب الأفغانية.

روسيا تمتلك اليوم نحو عشر وحدات إدارية للقوات الخاصة

اليوم، تنشط القوات الخاصة الروسية تحت مظلات مؤسسات عدة، من وزارة الدفاع إلى جهاز الأمن الفدرالي ووزارة الداخلية، وحتى وزارة الطوارئ. وتحمل وحداتها أسماء أصبحت مألوفة في عالم العمليات السرية مثل "ألفا"، و"فيتياز"، و"فيمبل"، و"روس".

تتميز هذه الوحدات ببنيتها الصغيرة نسبيًا، مقابل امتلاكها مستوى تدريب احترافي عالي، مع تركيز على السرعة، والمباغتة، والتنسيق، والقدرة على تنفيذ عمليات دقيقة في ظروف استثنائية، سواء لوجستيًا أو مناخيًا أو حتى في تضاريس معقدة.

وتوضح الخبيرة والمساعدة السابقة لقائد القوات الخاصة، إيلينا رومانينكو، أن روسيا تمتلك اليوم نحو عشر وحدات إدارية للقوات الخاصة، لكل منها اختصاص يتناسب مع الجهة التابعة لها، لكن "النخبة الحقيقية" بحسب تعبيرها تبقى تلك الوحدات التي تأسست تحت إشراف هيئة الأركان العامة في خمسينيات القرن الماضي، والتي شكلت النواة الصلبة لقوات النخبة فيما بعد.

رومانينكو تؤكد أن الانضمام إلى صفوف هذه القوات ليس أمرًا سهلًا، فالفرد هنا لا يُختار فقط على أساس القوة البدنية، بل يُخضع لاختبارات قاسية تضمن وجود قدرات استثنائية عقلية ونفسية وجسدية، خاصة في الوحدات ذات الطابع القتالي أو الأمني المباشر.

هكذا، لم تعد "ألفا" مجرد وحدة عسكرية، بل تحوّلت إلى رمز للقوة الخفية، وإلى أحد أبرز ملامح العقيدة الأمنية الروسية، وسط عالم يتغير وتتصاعد فيه التهديدات.

تم نسخ الرابط