من الإدمان إلى الانتحار.. تحذير من أستاذ الطب النفسي حول مخاطر الإنترنت

كشف الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن التقلبات المزاجية لم تعد أمرًا عابرًا في حياة البعض، بل قد تصل إلى مراحل خطيرة تؤثر على حياة الإنسان واستقراره النفسي.
وأوضح محمد المهدي، خلال لقائه ببرنامج الستات مايعرفوش يكدبوا على قناة CBC، أن التقلبات المزاجية هي تغيرات سريعة وغير متوقعة في المشاعر أو الحالة النفسية، وشبّهها بـ"موج البحر" الذي يعلو وينخفض بشكل مفاجئ.
من الفرح للحزن دون سبب
وأشار محمد المهدي إلى أن بعض الأشخاص قد يشعرون بالفرح والنشاط في لحظة، ثم يتحولون فجأة إلى الحزن أو التعب أو الانزعاج من دون مبرر واضح، وهو ما يعد أحد أبرز أعراض التقلب المزاجي.
وقال محمد المهدي: "الشخص ممكن يكون فرحان وبعد شوية يزعل، أو يكون مليان طاقة وبعدها على طول يحس إنه مرهق ومش قادر يعمل حاجة.. والموضوع بيحصل من غير سبب ظاهر أو واضح".
الفرق بين التقلبات والخطيرة
وأكد محمد المهدي أن كل إنسان معرض لتقلبات مزاجية طبيعية تحدث نتيجة ضغوط الحياة أو تغيرات الجو أو مواقف يومية عابرة، وهي غالبًا ما تمر دون تدخل طبي وتُحلّ تلقائيًا.
لكن، على الجانب الآخر، شدد محمد المهدي على ضرورة التمييز بين هذه الحالة الطبيعية والتقلبات المزاجية الخطيرة التي تكون متكررة، وسريعة الحدوث، وتستمر لفترات طويلة، مؤكدًا أن هذا النوع يتطلب تدخلاً علاجيًا متخصصًا.
تدخل نفسي عاجل
لفت محمد المهدي إلى أن استمرار هذه التقلبات دون علاج قد يؤدي إلى مضاعفات نفسية حادة، مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق، وربما يصل الأمر إلى إيذاء النفس أو التفكير في الانتحار لدى بعض الحالات المتأثرة بشدة.
وأوضح محمد المهدي أن التدخل العلاجي لا يعني بالضرورة استخدام أدوية، بل قد يبدأ من جلسات الدعم النفسي أو تعديل نمط الحياة والعادات اليومية.
أحد المحفزات الخطيرة
وحذر محمد المهدي من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، معتبرًا أنها واحدة من أكبر مسببات التقلبات المزاجية، خاصة لدى فئة الشباب والمراهقين.
وقال محمد المهدي: "السوشيال ميديا ممكن تحول الإنسان من حالة لثانية بسرعة جدًا، وتخليه يعيش في مقارنة دائمة مع الآخرين، وده بيولد ضغط نفسي رهيب وإحساس دائم بعدم الرضا".
ساعة واحدة يوميًا
أكد محمد المهدي أن الحد الآمن لقضاء الوقت على منصات التواصل الاجتماعي لا يجب أن يتجاوز ساعة واحدة في اليوم، مشيرًا إلى أن الاستخدام الزائد قد يؤدي إلى الإدمان النفسي وتفاقم المشكلات العقلية.
وأوضح محمد المهدي أن إدمان السوشيال ميديا لا يقل خطورة عن أي نوع آخر من الإدمان، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى العزلة الاجتماعية أو ضعف الأداء الدراسي والمهني وحتى الاكتئاب الشديد.
الاكتئاب الرقمي
لفت محمد المهدي إلى ظهور مصطلح جديد يُعرف باسم "الاكتئاب الرقمي"، وهو نوع من الاكتئاب المرتبط بالإفراط في استخدام التكنولوجيا والانغماس في العالم الافتراضي.
وبيّن محمد المهدي أن هذا النوع من الاكتئاب لا يقل خطورة عن الأمراض النفسية التقليدية، إذ يسبب اضطرابات في النوم، ونقصًا في التركيز، وتدهورًا عامًا في الصحة النفسية.

العودة للتواصل الواقعي
وفي نهاية حديثه، دعا الدكتور محمد المهدي إلى ضرورة العودة للتواصل الواقعي والأنشطة الاجتماعية الحقيقية، مثل الجلوس مع الأسرة أو الأصدقاء، وممارسة الرياضة، والخروج في الهواء الطلق، كبدائل صحية للسوشيال ميديا.
وذكر محمد المهدي أن التوازن في استخدام التكنولوجيا هو مفتاح الحفاظ على السلام النفسي، محذرًا من الاعتماد الكامل على الشاشات في تلبية الاحتياجات العاطفية أو الترفيهية.