عاجل

نتنياهو والهروب إلى الأمام.. حين تتحول الحرب إلى ملجأ سياسي

رئيس وزراء الاحتلال
رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو

منذ السابع من أكتوبر، والفشل الأمني الذريع الذي لحق بإسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ينتهج الأخير سياسة الهرب إلى الأمام؛ فهو يتهرب من مسؤولية هذا الفشل وتشكيل لجنة تحقيق رسمية حول ما حاق بإسرائيل من هزيمة عسكرية، عن طريق الحرب.. حرب دامية في غزة، وواحدة في لبنان، ومعركة مع إيران، وهجمات بين الحين والآخر على سوريا.

تحذيرات لم تلقى أذانًا تسمعها

وكانت قيادات الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” قد حذرت نتنياهو من أنه لا قيمة للحرب في قطاع غزة أو للإنجازات العسكرية التي يتم تحقيقها ما لم تكن هناك خطة واضحة لليوم التالي بعد الحرب، ورؤية سياسية لمستقبل القطاع.

مرارًا وتكرارًا، كان كثيرون في إسرائيل يرون أنه يجب خلق واقع سياسي جديد في غزة، وهذا يتطلب التفكير مسبقًا في حوكمة ما بعد الحرب والبدائل الممكنة. ومع ذلك، عرقل نتنياهو بشكل منهجي كل جهد دبلوماسي، لأن معظمه كان يتضمن دورًا للسلطة الفلسطينية في إدارة القطاع.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، لم يكن ذلك لأسباب أمنية؛ فنتنياهو يعلم، كغيره، أن السلطة الفلسطينية هي على الأرجح الخيار الأقل سوءًا لإسرائيل بين جميع الخيارات السيئة، إلا أنه عرقل تلك الجهود لأسباب سياسية، لتجنب التوصل إلى وقف إطلاق نار سيؤدي حتمًا إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وربما يُجبره على إجراء انتخابات جديدة. وكان شريكاه في الائتلاف اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير، قد هدّدا بالفعل بإسقاط الحكومة إذا ما سلك هذا المسار.

مأزق إسرائيل

لذا رفض نتنياهو، والآن تجد إسرائيل نفسها في مأزق؛ في غزة يُصاب ويُقتل جنود يوميًّا تقريبًا، ولا يزال الرهائن أسرى، وتنتشر المجاعة، وينظر المجتمع الدولي - بما في ذلك الولايات المتحدة - إلى إسرائيل الآن على أنها قريبة بشكل خطير من أنظمة مثل إيران وسوريا الأسد، لم يعد بإمكان الإسرائيليين السفر بأمان إلى الخارج، فقد أصبحوا أهدافًا في كل مكان تقريبًا، بسبب بغض العالم للإسرائيليين نتيجة الأفعال الوحشية في القطاع.

وفي هذه الأثناء، اعترفت فرنسا رسميًّا بدولة فلسطينية، ومن المرجّح أن تحذو حذوها دول أخرى في الاتحاد الأوروبي. على أرض الواقع، ما يقرب من ثلاثة أرباع غزة مدمَّر، ومئات الآلاف من المدنيين النازحين يتضورون جوعًا ويتشردون، ومع ذلك تنهار حماس، لكنها ترفض الاستسلام.

ومن المرجّح أن الجيش الإسرائيلي وقيادته أدركوا منذ زمن طويل أنه لم يعد لهم أي هدف استراتيجي في غزة، لكن القيادة السياسية، وعلى رأسها نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، لا تزال تُصدر أوامرها لهم بالمضي قدمًا، ويُعيدون تدوير شعارات فارغة عن “النصر الشامل” (التي لم تعد رائجة في إسرائيل) أو “فتح أبواب الجحيم”.

فشل ممتد

فيما جنود جيش الاحتلال يُقتلون ويُصابون، تكتسب حماس، على عكس تل أبيب، شرعية عالمية، تغذيها الوحشية الإسرائيلية.

وقد حاولت إسرائيل الضغط بإنشاء آلية أمريكية - إسرائيلية مشتركة لتوزيع المساعدات مباشرةً على المدنيين دون تدخل حماس، لكن هذه الخطوة جاءت بنتائج عكسية؛ انتهى بها الأمر إلى حفر قبرها بيديها، بالسماح بدخول مساعدات ضخمة إلى غزة دون رقابة أو سيطرة أو أي تنازلات متبادلة من حماس.

ووفقًا لـ”يديعوت أحرنوت”، لم يعد هذا مجرد إهمال، وليس مجرد حماقة سياسية؛ إنه فشلٌ ممتدٌّ وهائلٌ وتاريخيٌّ بدأ في السابع من أكتوبر ولم يتوقف منذ ذلك الحين. وهو يتسرب إلى الوعي العام، ويمتد إلى الجنود، الذين بدأ عدد منهم يرفضون العودة للقتال، لا سيما وقد بات من الجلي أن الحرب الممتدة منذ ما يقرب من عامين ليست لصالح إسرائيل، بل لصالح كرسي نتنياهو وبقائه

تم نسخ الرابط