أستاذ جامعة الأزهر يكشف خطورة تغييب العقل وتأثيره على التكليف الشرعي

في حديثه خلال حلقة برنامج "مع الناس" على قناة الناس، أكد الدكتور أحمد الرخ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن تغييب العقل يعد من أخطر التهديدات لمقصد "حفظ العقل" الذي جاءت به الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أن هذا التغييب يتحقق عبر الأفكار الهدامة وتعاطي المسكرات والمخدرات، وهو أمر لا يقتصر على كونه جريمة شرعية وقانونية، بل يحمل في طياته أضرارًا جسيمة للفرد والمجتمع.
حماية الإنسان
وأوضح الدكتور الرخ أن تحريم الشريعة للمسكرات جاء بهدف حماية الإنسان من الانحدار العقلي والسلوكي، مستندًا إلى قوله تعالى: "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"، لافتًا إلى أن تعاطي المسكرات يفتح أبواب الشر المتعددة، ويجعل المدمن غير مدرك لأفعاله إلا بعد فوات الأوان.
تغييب العقل
وأشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر"، موضحًا أن المفتاحية هنا تعني أن جميع الشرور تبدأ من تغييب العقل، وأن السبب الأساسي للحكم على المسكرات هو أثرها في العقل، فهو مناط التكليف والتمييز في الشرع.
ونقل الرخ قول الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه: "اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، والله لا يجتمع إيمان بالله مع إدمان إلا وأوشك أحدهما أن يُخرج صاحبه"، مبينًا أن الإدمان يدفع صاحبه إلى ارتكاب المعاصي بلا وعي.
كما بين خطورة المواد التي تسبب الكسل والخمول، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام، وكل مفتّر حرام"، حيث أوضح أن المفتّر هو ما يسبب ضعفًا وحالة فتور للأعضاء، مستشهدًا بتفسير الإمام الزركشي لهذه الأعراض.
وساق مثالاً من السنة حين استفسر وفد من قبيلة "جيشان" عن شراب يسمى "المزر"، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من أي مسكر، مبيّنًا عاقبة شربه في الآخرة بقول النبي: "إن على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة"، مشيرًا إلى أن طينة الخبال هي عرق أهل النار.
وختم الدكتور أحمد الرخ تأكيده على أن الحكم في الشريعة لا يتعلق بنوع المادة أو شكلها، بل بتأثيرها على العقل، معتبرًا قاعدة "كل مسكر حرام" قاعدة أصولية قطعية. وأكد أن حفظ العقل يكون بالابتعاد عن كل ما يهدده أو يفسده، لأنه السبيل لعبادة الله وتمييز الحلال من الحرام، ودليل إدراك طريق النجاة في الدنيا والآخرة.
https://youtu.be/nzO4dPaXo2o?si=oV2J0mQRV-kiq1N4