«عصر الذكاء الاصطناعي.. مخاطر وتوعية» في ندوة علمية للأوقاف بمكتبة الإسكندرية

عقدت لجنة المرأة والأسرة والطفل ندوةً علميّةً بمكتبة الإسكندرية، ضمن فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب، بعنوان: «التحدّيات التي تواجه الأسر المصرية في عصر الذكاء الاصطناعي .. المخاطر والتوعية»، برعايةٍ كريمةٍ من الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وبإشرافٍ وحضور الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
عصر الذكاء الاصطناعي
حاضر في الندوة الدكتور جمال شفيق، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، مستعرضًا حضور تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) في تفاصيل الحياة اليومية؛ من الهواتف الذكية، إلى تطبيقات التعليم، وروبوتات الدردشة، والأنظمة الذكية في البيوت والمركبات، ثم طرح سؤالًا محوريًّا: كيف يمكن للأسرة المصرية أن تتعامل مع مخاطر الذكاء الاصطناعي وتحمي أبناءها وقيمها؟
أولًا: ما هو الذكاء الاصطناعي؟
عرَّف المتحدِّث الذكاءَ الاصطناعي بأنه قدرةُ الأنظمة الرقمية (برمجيات أو أجهزة) على التعلُّم، والتحليل، واتخاذ قرارات أو إنجاز مهام تُحاكي أنماطًا بشرية في الفهم والتفاعل.
وأشار إلى انتشار تطبيقاته في التعليم، والترفيه، والرعاية الصحية، والإعلام، والاتصال الأسري اليومي.
ثانيًا: أهمية الأسرة في زمن الذكاء الاصطناعي
أكّد أن الأسرة هي اللبنةُ الأولى لحماية الهوية والقيم، وأن حضور التقنيات الحديثة يُضاعف مسؤولية الوالدين في التوجيه، والمتابعة، وفلترة ما يتعرّض له الأبناء من محتوى وسلوكيات رقمية. ويشمل دور الأسرة:
• التوعية بمخاطر بعض التطبيقات (الفلاتر المُضلِّلة، روبوتات الدردشة، الألعاب الذكية، المحتوى التفاعلي المفتوح).
• المراقبة والتوجيه لا المنع المطلق، مع مرافقة الأبناء في استخدام الوسائط الحديثة.
• تعليم القيم الرقمية: الخصوصية، المسؤولية، التحقّق من المعلومات، وعدم الارتهان الكامل للتطبيقات الذكية.
ثالثًا: أبرز المخاطر على الأسرة والمجتمع
• العزلة الاجتماعية: الإفراط في الشاشات يُضعف التواصل الحقيقي بين أفراد الأسرة.
• التأثير التربوي غير المنضبط: اعتماد الأطفال على محتوى ترفيهي أو تعليمي موجَّه خوارزميًّا (منصّات فيديو، ألعاب تفاعلية) قد يقلِّل من التفاعل مع الوالدين ويُعرّضهم لمضامين غير ملائمة.
• الخصوصية والبيانات: جمع معلومات عن العائلة دون وعيٍ كافٍ، وإمكان إساءة استخدامها أو استغلالها في الابتزاز، خاصةً لدى الفتيات والمراهقين.
• التبعيّة والتلقين الرقمي: الاعتماد المفرط على الأدوات الذكية قد يُضعِف مهارات التفكير النقدي، والتحليل، وحلّ المشكلات عند الأطفال واليافعين.
رابعًا: كيف نتعامل مع هذه المخاطر؟ (إرشادات عملية)
1. التربية على الوعي التقني: علِّم أبناءك التمييز بين الحقيقي والمصطنَع (صور مُولَّدة، أصوات مقلَّدة، معلومات غير موثوقة).
2. تنظيم أوقات الاستخدام: تحديد مدد واضحة للشاشات لكل فئة عمرية، وربطها بإنجازات دراسية أو سلوكية.
3. الحوار الأسري المنتظم: ناقش مع الأبناء ما يشاهدونه أو يتفاعلون معه، وافتح مساحة أسئلة بلا تخويف.
4. التوجيه بدل الحظر: الإرشاد إلى الاستخدام الآمن والنافع، لا المنع الشامل الذي يدفع إلى الاستخدام الخفي.
5. تعزيز الرقابة الأبوية الذكية: الاستفادة من أدوات الإعدادات العائلية والتصفية، مع الشرح للأبناء لماذا نستخدمها.
6. غرس بدائل واقعية: أنشطة مشتركة، قراءة، رياضة، لقاءات عائلية تُعيد التوازن بين العالمين الواقعي والرقمي.
خامسًا: رسالة إلى الأسر والشباب
شدَّد الأستاذ الدكتور جمال شفيق على أن الذكاء الاصطناعي ليس شرًّا في ذاته؛ إنما هو أداةٌ تتحدَّد ثمارُها بحُسن الاستخدام. فإذا امتلكت الأسرة وعيًا رقميًّا وقيميًّا، صار الذكاء الاصطناعي معينًا على التعليم، وتنمية المهارات، وتوسيع آفاق المعرفة. أمّا إذا تُرِك بلا توجيه، فقد يتحوَّل إلى مصدر تهديدٍ للقيم والهويّة والأمن النفسي للأبناء. فلنكن نحن من يُوجِّه التكنولوجيا، لا أن نُقاد بها.
نداء إلى الأسر المصرية
يا آباءَ مصر وأمّهاتِها، ويا شبابَها الواعي: أنتم خطُّ الدفاع الأوّل عن وعي أبنائنا وقيم مجتمعنا. وازنوا بين الإفادة من التقنيات الحديثة وحماية الهوية، واصنعوا حضورًا أسريًّا دافئًا لا يُنافسه أيُّ تطبيق. حفظ الله أسرنا، وصان أبناءنا، ووفّقنا جميعًا لحُسن استخدام التكنولوجيا في بناء الإنسان.