عاجل

عبدالمنعم سعيد: أزمات الشرق الأوسط ليست استثناءً.. وبناء الثروة يبدأ من العقل

الدكتور عبدالمنعم
الدكتور عبدالمنعم سعيد

أكد المفكر السياسي الدكتور عبدالمنعم سعيد، أن الأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط ليست فريدة من نوعها، بل تُمثل جزءًا من دورة إنسانية عالمية تتكرر بأشكال مختلفة في كل زمان ومكان، مشيرًا إلى أن فهم جذور الأزمات والتمييز بين الأسباب الحقيقية والوهمية يمثل الخطوة الأولى نحو تجاوزها.

الأزمات من المشهد العالمي

قال عبدالمنعم سعيد، خلال لقائه مع الإعلامية آية عبدالرحمن في برنامج "ستوديو إكسترا" المذاع على قناة "إكسترا نيوز"، إن الواقع الذي تعيشه منطقتنا لا يختلف كثيرًا عن مناطق أخرى في العالم، سواء المتقدمة أو المتأخرة، موضحًا أن الفروقات في نسب الجريمة، ومتوسطات العمر، ومعدلات التنمية ليست قاصرة على حدود الجغرافيا أو نوع النظام السياسي، بل تتباين أحيانًا داخل الدولة الواحدة نفسها، بين مناطق مزدهرة وأخرى متخلفة.

وشدد عبدالمنعم سعيد على أن التعامل مع التحديات يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة المجتمعات البشرية، التي لطالما عرفت دورات من الاستقرار والاضطراب، ولا يمكن فصل أزمات الشرق الأوسط عن هذا السياق العام.

الثروة لا تُخلق من الأرض 

وفي معرض حديثه عن مفاهيم الثروة والتنمية، أشار عبدالمنعم سعيد إلى أن الاعتماد المفرط على الثروات الطبيعية، كما هو الحال في بعض دول الشرق الأوسط، يخلق وهمًا بأن الغنى يتحقق تلقائيًا من موارد مثل النفط أو الغاز، متجاهلًا أن الدول التي حققت قفزات اقتصادية كبيرة، مثل اليابان أو كوريا الجنوبية، فعلت ذلك من خلال استثمار العقول، وليس الآبار.

وأوضح عبدالمنعم سعيد أن التحدي الحقيقي يكمن في خلق الثروة عبر توطين المعرفة وتطوير الفكر العلمي، مؤكدًا أن الدول التي تضع التعليم والبحث العلمي في مقدمة أولوياتها، هي القادرة على تجاوز الأزمات وبناء مستقبل مستدام.

الفارق بين النجاح والفشل

وتناول عبدالمنعم سعيد مفهوم التفوق والتميّز، مؤكدًا أن ما يُميز المتفوقين عن غيرهم ليس الذكاء فقط، بل الإصرار والمثابرة والعمل الجاد، مشيرًا إلى أن هذه القيم يجب أن تُرسخ في أنظمة التعليم ومناهجه لتُخرج أجيالًا قادرة على قيادة مسارات التغيير والتنمية.

وأضاف عبدالمنعم سعيد أن التفاوت في نتائج التعليم بين مختلف دول العالم، أو حتى داخل الدولة الواحدة، يعكس غياب السياسات العادلة التي تُعطي كل مواطن فرصًا متكافئة لصناعة مستقبله.

الاستقرار الوطني

وعن الاستقرار السياسي في بعض دول الشرق الأوسط، أوضح عبدالمنعم سعيد أن دولًا مثل مصر والسعودية نجحت في الحفاظ على تماسكها الداخلي، بفضل قرارات وطنية تستند إلى رؤية شاملة للوحدة الوطنية، في مقابل دول مثل سوريا ولبنان، التي عانت من تفكك اجتماعي وطائفي وانقسامات غذّتها تيارات فكرية وسعت لإعادة إنتاج أوهام الخلافة أو تقسيم المجتمع.

وأشار عبدالمنعم سعيد إلى أن تنظيم الإخوان الإرهابي يمثل نموذجًا واضحًا لهذه التيارات، حيث تسبب في استنزاف طاقات الدول وإعاقة مشروعاتها الوطنية، ما أدى إلى تفشي الفوضى والدمار في العديد من الأقطار.

الصراعات جزء من الطبيعة 

وربط عبدالمنعم سعيد المشهد الحالي بالتاريخ الإنساني الحديث، مؤكدًا أن ما نراه اليوم من نزاعات وتوترات ليس بالأمر الجديد، فقد شهد العالم على مدى العقود الخمس الماضية حروبًا كبرى مثل الحرب الباردة، وحروب التحرير، وحرب فيتنام، وهي أحداث تركت آثارًا عميقة لكنها لم تمنع الإنسانية من التقدم.

وأوضح عبدالمنعم سعيد أن الطبيعة البشرية تقوم على جدلية الخير والشر، النجاح والفشل، ومن الخطأ الظن بأن الحاضر هو الأسوأ في التاريخ، مؤكدًا أن قدرة المجتمعات على التعلم من الماضي هي مفتاح عبورها للأزمات.

الدكتور عبدالمنعم سعيد
الدكتور عبدالمنعم سعيد

الحاضر ليس أقسى التاريخ

اختتم عبدالمنعم سعيد حديثه برسالة طمأنة وتفاؤل، مؤكدًا أن الإنسان دائمًا ما يرى تحديات الحاضر بأنها الأصعب، في حين أن قراءة التاريخ تكشف أن كل جيل مرّ بأزمات مشابهة، بعضها أشد قسوة.

وقال عبدالمنعم سعيد: "ما نعيشه اليوم ليس نهاية العالم، بل فصل جديد من فصوله، نملك أن نُعيد كتابته بعقولنا وإرادتنا"، ويُعيد التأكيد على أن الاستثمار في الإنسان والمعرفة والوطنية هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار حقيقي وثروة مستدامة، مهما تعقّدت المشاهد السياسية أو الاقتصادية.

تم نسخ الرابط