عاجل

مصطفى الفقي: ناصر كان زعيما وطنيا رغم غياب الحريات.. والمساجين أكثر دفاعا

الدكتور مصطفي الفقي
الدكتور مصطفي الفقي

كشف الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي والدبلوماسي المعروف، عن مفارقات وتناقضات طبعت عهد ثورة 23 يوليو، مشيرًا إلى أن عبدالناصر رغم شعبيته الجارفة، عانى من غياب الحريات السياسية، وأن أبرز معارضيه تم تهميشهم أو إقصاؤهم من المشهد.

أبرز سلبيات حقبة يوليو

وخلال لقائه في برنامج "يحدث في مصر"، الذي يقدمه الإعلامي شريف عامر على قناة "MBC مصر"، أكد مصطفى الفقي أن واحدة من أبرز سلبيات ثورة 23 يوليو كانت غياب الحريات الجماهيرية، ما أدى إلى تضييق مساحة العمل السياسي، وإقصاء عدد من الشخصيات البارزة داخل نظام الحكم نفسه.

وأشار مصطفى الفقي إلى أن العديد من الذين عارضوا الرئيس عبد الناصر، سواء من داخل النظام أو خارجه، تم دفعهم للانسحاب أو تم إقصاؤهم قسرًا، ضاربًا المثل بالقيادي البارز عبد اللطيف البغدادي، أحد الضباط الأحرار ورفيق درب الثورة، الذي انسحب من المشهد بعد اختلافات في الرؤية.

الزعيم الوطني الذي لا يُراجع

ورغم هذه المآخذ، شدد مصطفى الفقي على أن جمال عبدالناصر كان يتمتع بإيمان عميق بوطنيته، حتى بين خصومه، موضحًا أن الرئيس الراحل كان يعتقد دومًا أنه يعمل من أجل الشعب والجماهير، لكنه لم يكن منفتحًا على فكرة المراجعة أو تقبل النقد.

وقال مصطفى الفقي: "في عهد عبدالناصر، رغم غياب الحريات، الكل كان يؤمن بوطنيته، وكان يعتقد أنه يطلق لصالح الجماهير، ويعمل من أجلهم، لكنه لم يكن يقبل أن يُراجع".

خريجو السجون الأكثر ولاءً

ومن المفارقات اللافتة التي أشار إليها مصطفى الفقي، أن كثيرًا من الذين تعرضوا للاعتقال السياسي في عهد عبد الناصر، خرجوا من السجون وهم أكثر ولاءً ودفاعًا عنه، في دلالة على تأثيره العاطفي والوطني الكبير، حتى على من نالهم القمع.

وأوضح مصطفى الفقي أن الزعيم الراحل كان يحظى بصورة القدوة في عيون المصريين، وكان يُنظر إليه كرمز للنزاهة والوطنية، مؤكدًا أن هذا التصور ما زال متجذرًا في العقل الجمعي للمصريين، حتى مع تغير الظروف والمعايير.

المعيار الإنساني في الحكم 

واختتم مصطفى الفقي حديثه بالإشارة إلى أن فكرة الحكم بالمعيار الإنساني، التي مثلها عبدالناصر بشخصيته وتواضعه ووطنيته، لا تزال راسخة في وجدان الشعب المصري. ورغم مرور عقود على رحيله، إلا أن صورته ما زالت حاضرة كقائد عاش ومات من أجل فكرة، حتى وإن شاب تجربته بعض الإخفاقات.

وأشار مصطفى الفقي إلى أن هذا الإرث الإنساني والسياسي لجمال عبد الناصر لا يزال يؤثر على نظرة المصريين للحكم والقيادة، معتبرًا أن الشرعية الشعبية لعبدالناصر كانت نابعة من شعور الجماهير بأنه منهم، ويعبّر عن آمالهم وطموحاتهم.

الإعلامي شريف عامر 
الإعلامي شريف عامر 

قراءة متوازنة لتاريخ معقّد

ما يقدمه مصطفى الفقي، من خلال رؤيته المتوازنة، هو دعوة لإعادة قراءة تجربة عبدالناصر والثورة الناصرية بعيدًا عن التقديس أو الشيطنة، مع الاعتراف بالأخطاء والنجاحات، مؤكدًا أن القادة العظام يُقيَّمون في ضوء ما أنجزوه، وما ألهموا به شعوبهم، لا فقط بما أخفقوا فيه.

وفي هذا السياق، تظهر ثورة 23 يوليو كمرحلة محورية في التاريخ المصري الحديث، جمعت بين الإنجاز الاجتماعي والانغلاق السياسي، وبين قيادة ملهمة وأخطاء بشرية، لكن تظل سيرتها مادة ثرية للتحليل واستخلاص الدروس.

تم نسخ الرابط