مأمون فندي: هل أصبح الاستعراض على السوشيال ميديا بديلاً عن الحقيقة؟

في طرح عميق، تساءل الدكتور مأمون فندي، مدير معهد لندن للدراسات الاستراتيجية، عن الجوع المتزايد للظهور في عالم ما بعد الحداثة، حيث تحولت "السيلفي" و"الإنستجرام" و"تيك توك" إلى منصات لإعادة تشكيل الهوية وترويج الذات كعلامة تجارية.
وفي منشور لافت عبر منصة "إكس"، كتب فندي متسائلًا: "لماذا يشعر الإنسان بهذا الجوع الشديد للظهور؟ هل هو بحث عن الإعجاب لتعويض شعور عميق بعدم الرضا عن الذات؟ أم هروب من الواقع بكل ما فيه من مسؤوليات إلى عالم الاستعراض الرقمي؟"
وأشار فندي إلى أن العالم اليوم يشهد قلبًا للمعايير، حيث أصبحت "الصورة أهم من الحقيقة، والانطباع أقوى من الجوهر، والظهور يحل محل الوجود"، مضيفًا أن هذا المشهد لا ينعكس فقط على الحياة الفردية بل يمتد ليطال القضايا الكبرى.
وانتقل فندي إلى تسليط الضوء على قضية غزة، متسائلًا بجرأة: "هل تحركاتنا للدفاع عن غزة، وإدانتنا للإبادة، مواقف أخلاقية حقيقية؟ أم أنها جزء من استعراض رقمي جماعي؟"
وطرح تساؤلات شديدة الأهمية: "هل اكتفينا بالهاشتاجات والبيانات؟ كيف نحول هذا التعاطف الرقمي العابر إلى التزام ملموس؟"
واختتم فندي منشوره بدعوة صريحة لإعادة ربط "الكلام بالفعل، والرغبة بالموقف"، مشددًا على أن هذا الزمن الذي "كثرت فيه الصور وقلّ فيه الفعل" يحتاج مراجعة عميقة للدوافع، إن أردنا استعادة المعنى وسط ضجيج السطوح الرقمية.
وانتقد الدكتور مأمون فندي، مدير معهد لندن للدراسات الاستراتيجية، الطريقة التي يتعامل بها العالم مع معاناة غزة، مشبّهًا المشهد الحالي بفشل ثورات الربيع العربي التي غاب عنها البُعد الأخلاقي الحقيقي.
وفي تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، قال فندي: وكذلك غزة فشلت ثورات الربيع لأن من تصدّرها كان ناشطًا سياسيًا، بينما غاب عنها الناشط الأخلاقي؛ ذاك الذي يدخل المشهد مدفوعًا بضميره، لا بأجندته.
وأضاف مدير معهد لندن للدراسات الاستراتيجية د. مأمون فندي: "وهكذا حالنا مع غزة.. كل هذه الملايين لم تدخل غزة من بوابة الأخلاق".
في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة تعصف بـقطاع غزة، تتحدث التقارير عن معاناة أكثر من 2.5 مليون فلسطيني، بينهم مليون طفل، من سوء تغذية حاد ونقص حاد في المواد الأساسية، في وقتٍ يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية داخل القطاع.
حصار القطاع وتجويع سكانه
ورغم الظروف المأساوية، فإن الجيش الإسرائيلي لا يكتفي بحصار القطاع وتجويع سكانه، بل يواصل القصف واستهداف المناطق التي يُفترض أن تكون "آمنة"، بما في ذلك الأماكن التي يتجمع فيها الفلسطينيون للحصول على المساعدات الإنسانية، مضيفا: هذه السياسات، بحسب مراقبين، ترقى إلى مستوى "القتل الممنهج"، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.