دراسة علمية: أطعمة غير متوقعة تقلل خطر سرطان القولون بنسبة 28%

في خضم التحديات الصحية المتزايدة التي يواجهها العالم اليوم، تبرز أهمية الاكتشافات العلمية التي تسهم في الوقاية من الأمراض القاتلة، ومن بينها السرطان بأنواعه المختلفة، وفي هذا السياق، كشفت دراسة طبية حديثة عن نتائج لافتة تشير إلى أن بعض الأطعمة غير المتوقعة يمكن أن تلعب دورًا فعّالًا في الوقاية من أحد أخطر أنواع السرطان وأكثرها شيوعًا وهي سرطان القولون.
هذه الدراسة، التي أُجريت تحت إشراف فريق من الباحثين تابعت أنماط التغذية لآلاف المشاركين على مدار سنوات، وركّزت على تأثير بعض أنواع الطعام التي لا يُنظر إليها عادةً على أنها جزء من "الحميات الوقائية" ضد السرطان.
نتائج غير متوقعة تغيّر نظرة العلماء للغذاء
المثير في نتائج الدراسة أن الأطعمة التي أثبتت تأثيرًا إيجابيًا لم تكن من الأصناف التي تحظى عادةً بسمعة "صحية" أو مضادة لـ سرطان القولون، بل شملت:
- منتجات الألبان المخمرة مثل الزبادي الطبيعي والكفير، والتي تحتوي على مستويات عالية من البروبيوتيك.
- أنواع معينة من المكسرات مثل الجوز واللوز والكاجو، الغنية بالألياف والدهون الصحية.
- البقوليات كالفاصولياء والعدس، والتي أثبتت قدرتها على تقليل الالتهابات وتحسين وظائف الجهاز الهضمي.
وأشار الباحثون إلى أن تناول هذه الأطعمة بانتظام ساهم في تقليل معدلات الالتهاب داخل القولون بنسبة وصلت إلى 28%، وهي نسبة تُعد كبيرة على المستوى الطبي، ومرتبطة مباشرة بانخفاض احتمالية تطور خلايا سرطانية في الأمعاء الغليظة.
دور البكتيريا النافعة والألياف وتحولات ميكروبية
ركّزت الدراسة أيضًا على الجانب الميكروبي في الجسم، وأوضحت أن توازن الميكروبيوم المعوي أي البكتيريا النافعة التي تعيش في الأمعاء يلعب دورًا جوهريًا في الوقاية من سرطان القولون.
وأشارت النتائج إلى أن هذه الأطعمة تسهم في تعزيز هذا التوازن، مما يحسن صحة القولون ويقلل من تراكم السموم، ويعزز المناعة الذاتية ضد تكون الخلايا السرطانية.
كما كشفت الدراسة عن وجود علاقة قوية بين تناول هذه الأطعمة وارتفاع مؤشرات مضادات الأكسدة في الدم، مما يعزز مقاومة الجسم للمواد المسرطنة، خاصة لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 45 عامًا.
توصيات الخبراء التنوّع هو المفتاح
أوصى القائمون على الدراسة بضرورة إعادة النظر في الأنظمة الغذائية اليومية، بحيث لا تقتصر على الخضروات والفواكه فقط، بل تشمل طيفًا أوسع من الأطعمة الطبيعية الغنية بالألياف والبروتينات والدهون الصحية.
وقال الدكتور "جيوفاني لورينزي"، أستاذ الطب الوقائي والمشارك في الدراسة:
"هذه النتائج تفتح الباب أمام فهم أعمق للعلاقة بين الغذاء والسرطان. لم يعد الأمر مقتصرًا على الامتناع عن الأطعمة الضارة فقط، بل أصبح يتعلق بتعزيز الجسم بالأغذية التي تدعم جهاز المناعة وتحارب الالتهاب من جذوره.
سرطان القولون أرقام وتحذيرات
وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، فإن سرطان القولون يُعد ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا عالميًا، ويصيب أكثر من 1.9 مليون شخص سنويًا، بينما يُسجل ما يزيد عن 900 ألف حالة وفاة بسببه حول العالم. وغالبًا ما يُصنّف هذا المرض ضمن "السرطانات الصامتة"، إذ لا تظهر أعراضه في المراحل الأولى، مما يصعّب من فرص الكشف المبكر والعلاج.
وتشمل عوامل الخطر السمنة، قلة النشاط البدني، النظام الغذائي غير المتوازن، وتاريخ العائلة المرضي.
دعوة لإعادة النظر في العادات الغذائية اليومية
تشدد هذه الدراسة على ضرورة توعية الأفراد بأهمية تناول الأطعمة الطبيعية، والابتعاد قدر الإمكان عن الأغذية المصنعة والغنية بالدهون المهدرجة والسكريات. كما دعت إلى الاهتمام بالفحص الدوري، خصوصًا للرجال والنساء بعد سن الخمسين، حيث تزداد فرص الإصابة بسرطان القولون مع التقدم في السن.
ما نأكله كل يوم قد يكون خط الدفاع الأول ضد أكثر الأمراض فتكًا. وفي ضوء هذه الدراسة، فإن الاهتمام بنوعية الطعام لا يجب أن يكون رفاهية أو خيارًا ثانويًا، بل ضرورة صحية لحياة أطول وأكثر أمانًا.