فضل صيام شهر رمضان.. فرصة للمغفرة والارتقاء الروحي

يُعَدُّ شهر رمضان من أعظم المواسم الإيمانية التي منحها الله لعباده، حيث فرض عليهم صيامه وجعل فيه من الفضل والرحمة ما لا يوجد في غيره من الشهور. فالصيام ليس مجرد عبادة، بل هو فرصة لتجديد الإيمان، ومغفرة الذنوب، والتقرب من الله.
وقد أشار الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية السابق، إلى أن الصيام عبادة فريدة خصَّها الله بمكانة عظيمة، مستدلًا بالحديث القدسي الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«قالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».
ويعكس هذا الحديث عظمة الصيام وثوابه غير المحدود، حيث جعله الله عبادة خالصة بينه وبين عبده، وجعل جزاءه مفتوحًا وفقًا لإخلاص العبد وصبره.
رمضان شهر الرحمة والمغفرة
الصيام ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو تدريب للنفس على الصبر، وضبط الشهوات، وتنقية القلب من الذنوب. وفي هذا السياق، أوضح الدكتور شوقي علام أن رمضان فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب والتطهر منها، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ رَمَضَانَ شَهْرٌ افْتَرَضَ اللهُ صِيَامَهُ، وَإِنِّي سَنَنْتُ لِلْمُسْلِمِينَ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ خَرَجَ مِنَ الذَّنْبِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (أخرجه أحمد وأبو يعلى الموصلي وابن خزيمة).
وهذا الحديث يُبيِّن أن رمضان ليس مجرد عبادة، بل هو فرصة جديدة يبدأ فيها الإنسان من الصفر، بقلب طاهر وروح نقية.
الصيام فريضة عظيمة ورحمة للمسلمين
اتفق علماء الأمة على أن صيام رمضان فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل، استنادًا إلى قول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
ومع ذلك، فقد راعى الإسلام أحوال الناس، فرخَّص للمريض والمسافر وكبار السن الإفطار، وسمح لهم بالتعويض بطرق أخرى، وهو ما يعكس رحمة الإسلام وتيسيره على العباد.
الصيام باب إلى الجنة
لم يجعل الله الصيام مجرد عبادة، بل جعله وسيلة للفوز بالجنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ» (متفق عليه).
وهذا الحديث يؤكد أن للصائمين مكانة خاصة عند الله، حيث أعدَّ لهم بابًا مخصصًا في الجنة لا يدخله إلا من صاموا رمضان إيمانًا واحتسابًا.
الصيام مدرسة للتقوى والإحسان
رمضان ليس فقط شهر الصيام، بل هو مدرسة لتربية النفس على الصبر والتقوى، حيث يجعل الإنسان أكثر شعورًا بالفقراء والمحتاجين، ويدفعه إلى البذل والصدقة ومساعدة الآخرين.
وقد أكّد الدكتور شوقي علام أن الصيام وسيلة لإصلاح النفس وتقوية العلاقة بالله، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم» [البقرة: 184].
رمضان ليس مجرد شهر نؤدي فيه عبادة الصيام، بل هو فرصة ذهبية لتطهير القلب، والتقرب من الله، ومحو الذنوب، وتحقيق التقوى.
وكما أوضح الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية السابق، فإن الصيام ليس فقط تكليفًا شرعيًا، بل هو هدية من الله لعباده، لمن أراد أن يرتقي بروحه، ويبدأ حياة جديدة مليئة بالطاعة والإيمان.