حكم من دخل عليه رمضان وعليه أيام لم يقضها: الأزهر ودار الإفتاء يوضحان الموقف الشرعي
ما حكم من دخل عليه رمضان وعليه أيام لم يقضها؟.. الأزهر ودار الإفتاء يوضحان

في شهر رمضان المبارك، تتزايد تساؤلات المسلمين حول الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام، ومن بين هذه التساؤلات تبرز قضية من دخل عليه رمضان الجديد بينما لم يقضِ ما عليه من أيام رمضان السابق.
وتثير هذه المسألة قلق البعض، خشية التقصير في أداء فريضة الصيام.
فهل يُلزم القضاء فقط، أم أن هناك كفارة أو فدية؟
بحسب ما أكدته دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، فإن الأصل في الشريعة الإسلامية هو قضاء ما فات من أيام رمضان بعذر شرعي، مثل المرض أو السفر أو الحيض بالنسبة للمرأة. ويجب أن يتم هذا القضاء قبل حلول رمضان التالي إن أمكن، استنادًا لقوله تعالى: “فعدة من أيام أخر” (سورة البقرة: 184).
القضاء أم الفدية؟
إذا تأخر الشخص في قضاء الأيام الفائتة دون عذر، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يجب عليه قضاء الأيام، مع إخراج فدية عن كل يوم تأخير، وهي إطعام مسكين، تقارب قيمتها وجبة مشبعة أو ما يعادلها نقدًا. وهذه الفدية تأتي كتعويض عن التأخير غير المبرر، وتعزيزًا لمعنى التكافل الاجتماعي في الإسلام.
أما إذا كان التأخير بسبب عذر مستمر، كمرض طويل الأمد أو ظروف قاهرة، فيسقط الإثم عن الشخص، ويلزمه القضاء فقط عند القدرة. وفي الحالات التي يُصاب فيها المسلم بمرض مزمن أو ضعف دائم يمنعه من الصيام نهائيًا، يُكتفى بدفع الفدية دون الحاجة إلى القضاء.
النصح بالمسارعة إلى القضاء
العلماء يشددون على أهمية عدم التهاون في قضاء الأيام الفائتة، لأن ذلك من تمام الإخلاص لله والحرص على أداء العبادات في أوقاتها. ويُستحب أن يُبادر المسلم إلى الصيام فور زوال العذر، حتى يخفف عن نفسه المسؤولية، ويستعد لاستقبال رمضان الجديد بروح صافية ونقية.
آراء الفقهاء
رأي الحنفية: يرى فقهاء الحنفية أن من أفطر أيامًا في رمضان ولم يقضها حتى دخل عليه رمضان الجديد، فلا يلزمه إلا القضاء فقط، سواء أخر القضاء بعذر أو بدون عذر، ولا تجب عليه فدية. ومع ذلك، يُستحب له المسارعة إلى القضاء وعدم التأخير بلا سبب.
الدليل: يستند الحنفية إلى قوله تعالى: “فعدة من أيام أخر” (البقرة: 184)، ولم يُذكر في الآية ما يدل على وجوب الفدية مع التأخير.
رأي المالكية: يرى المالكية أن من أخَّر القضاء حتى دخل رمضان الجديد دون عذر شرعي، فعليه قضاء الأيام مع إخراج فدية عن كل يوم تأخير. وتُقدر الفدية بإطعام مسكين، سواء أخر القضاء يومًا أو عدة أيام، وتُتكرر الفدية مع كل عام تأخير.
الدليل: يستندون إلى فعل بعض الصحابة، مثل ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما، حيث أوجبوا الإطعام مع القضاء عند التأخير بلا عذر.
رأي الشافعية :يتفق الشافعية مع المالكية في أن من أخَّر القضاء بلا عذر حتى دخل رمضان التالي، يلزمه القضاء والفدية معًا. وإذا استمر التأخير لسنوات متتالية، تتكرر الفدية بتكرر السنين. أما إذا كان التأخير بعذر، فلا فدية عليه.
الدليل: يستدل الشافعية بنفس أدلة المالكية، ويؤكدون أن التأخير بغير عذر يُعتبر تفريطًا يستوجب الفدية كتعويض عن هذا التقصير.
رأي الحنابلة: يذهب الحنابلة إلى وجوب القضاء والفدية معًا في حالة تأخير الصيام بلا عذر حتى دخول رمضان الجديد. أما إن كان التأخير لعذر مستمر، كمرض طويل أو عجز مؤقت، فلا كفارة عليه، ويلزمه القضاء فقط عند القدرة.
الدليل: يعتمدون على أثر الصحابة، مثل قول ابن عباس رضي الله عنه: “من فرط في قضاء رمضان حتى يدخل رمضان آخر، فليصم الذي حضر، وليقضِ ما فاته، ويُطعم عن كل يوم مسكينًا.”
⸻