عاجل

من الملعب إلى خلف القضبان.. أزمات صالح جمعة وإبراهيم سعيد وفتوح

إبراهيم سعيد
إبراهيم سعيد

في عالم كرة القدم، تتجه الأضواء نحو اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، حيث يصنع المجد وتكتب البطولات، لكن لبعض النجوم مسارات مختلفة تسحبهم من صخب المدرجات إلى صمت قاعات المحاكم، ومن صراع الكؤوس والمنافسة في المباريات إلى مواجهات قضائية تهدد مستقبلهم المهني والشخصي.

حيث عاش عدد من نجوم الكرة المصرية الذين واجهوا أزمات حادة خارج المستطيل الأخضر، كادت أن تنهي مشوارهم الكروي أو تؤثر عليه بشكل بالغ. 

في هذا التقرير المفصل، نرصد أبرز المحطات في أزمات ثلاثة من اللاعبين الذين أثاروا الجدل خلال السنوات الأخيرة، وهم صالح جمعة، وإبراهيم سعيد، وأحمد فتوح، لكل منهم قصة بدأت بوعد كروي كبير وانتهت بمشكلات قانونية، ما بين أحكام بالحبس أو قرارات بمنع السفر أو اتهامات بالقتل الخطأ تحت تأثير المخدرات.

نستعرض في السطور التالية تسلسل الوقائع وتفاصيل القضايا، ونرصد كيف تحولت حياة هؤلاء النجوم من شهرة الملاعب إلى عنوين الصحف القضائية، وما الدروس التي تفرضها تلك الوقائع على حاضر ومستقبل الرياضة في مصر.

الكابتن إبراهيم سعيد بين تألق الملاعب وانهيار الحياة الشخصية

إبراهيم سعيد: "الأزمات والمواقف الصعبة هي اللي بتظهر ليك من بيحبك"

تحول نجم الكرة المصرية السابق إبراهيم سعيد، أحد أبرز المدافعين في تاريخ الكرة المصرية خلال مطلع الألفية، من لاعب يملأ المدرجات بهتافات الجماهير إلى شخصية مثيرة للجدل، تتصدر عناوين الأخبار ليس بإنجازات كروية، بل بسلسلة من الأزمات القضائية والأسرية التي ألقت بظلالها على حياته، وأوصلته إلى السجن بتهم تتعلق بالنفقة والإهمال الأسري، إضافة إلى دعاوى تزوير ودعوى ضم حضانة.

اللاعب الذي لعب بقميص كبار الأندية المصرية مثل الأهلي، الزمالك، والإسماعيلي، وكان ضمن الجيل الذهبي للمنتخب الوطني، أصبح حديث السوشيال ميديا والمحاكم، بعد القبض عليه بسبب تخلفه عن دفع النفقة المستحقة لطليقته داليا بدر، والتي أنجبت منه ابنتين هما "جوليا" و"لي لي".

بداية الأزمة: نفقة معلقة وسنوات من التجاهل

بدأت الأحداث حينما أصدرت المحكمة حكما قضائيا بحبس إبراهيم سعيد 4 أشهر، على خلفية تراكم النفقة المستحقة لطليقته عن سنوات طويلة. وبحسب ما أفادت به داليا بدر، فإن اللاعب امتنع عن الإنفاق على بناته منذ أكثر من خمس سنوات، رغم بلوغهما سن الرشد واستمرارهما في التعليم الجامعي.

وأكدت طليقته أنها حاولت مرارًا التوصل إلى حل ودي دون جدوى، ما اضطرها للجوء إلى القضاء للمطالبة بحقوق ابنتيها. وقد تم تنفيذ الحكم مطلع عام 2025، ليدخل اللاعب السجن، ما شكل صدمة للمتابعين الذين لم يعتادوا رؤية نجوم الملاعب في هذا الموقف.

بكاء مباشر ورسائل استغاثة

بعد الإفراج عنه مؤقتا في أعقاب قبول استئناف على الحكم، ظهر إبراهيم سعيد في بث مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منهارا، باكيا، يتحدث بانفعال عن الظلم الذي تعرض له على حد وصفه قائلًا إن ابنتيه "جوليا" و"لي لي" هما السبب في سجنه، مضيفا: بناتي هما اللي حبّسوني، تخيل أكون أنا اللي عاملهم البطاقة، وهي اللي استخدموها ضدي.

وظهر اللاعب في الفيديو متأثرًا، موجّهًا مناشدة إلى دار الإفتاء والمسؤولين في الدولة للتدخل، معتبرًا أن ما حدث له لا يمتّ للإنسانية أو الدين بصلة، وأنه لم يقصّر يوما تجاه أبنائه، لكن طليقته  حسب تعبيره استغلت الظروف للضغط عليه.

طليقة اللاعب ترد: صمت 18 عامًا وصدمة نفسية للبنات

في المقابل، خرجت داليا بدر عن صمتها، لترد على تصريحات طليقها، مؤكدة أنها تحملت تربية ابنتيها طيلة 18 عاما دون أن تطالب بشيء، وأنها لجأت إلى القضاء فقط بعد أن تخلّى عن مسؤولياته كأب، وأن الفيديو الذي بثه ألحق أذى نفسيا كبيرا بابنتيهما، خصوصا أنهن طالبات في كلية الإعلام، ويشعرن بالخجل من تداول حياتهن الخاصة أمام الجميع.

وأضافت داليا أن ما قام به إبراهيم سعيد ليس سوى محاولة مكشوفة لكسب تعاطف الرأي العام، مؤكدة أن بناته لم يشهدا عليه زورا، بل نفّذن حكما قانونيا صادر عن القضاء بعد سنوات من التقاعس، كما أوضحت أنها لم تكن تسعى لحبسه، وإنما كانت تسعى إلى تأمين مستقبل ابنتيها بعد غياب الدعم الأبوي تماما.

بلاغ بالتزوير ودعوى حضانة

لم تقف الأحداث عند السجن والاتهامات، إذ تطورت الأزمة بعد تقدم اللاعب ببلاغ رسمي إلى النيابة العامة بالقاهرة الجديدة يتهم فيه طليقته بالتزوير، مدعيًا أنها استولت على شقة يمتلكها أثناء تواجده في الحبس، مستخدمة أوراقًا رسمية لا يعلم عنها شيئا.

استدعت النيابة اللاعب للتحقيق في البلاغ، وخلال الجلسة، أثار إبراهيم سعيد الجدل مجددًا عندما أمّ المصلين داخل مسجد النيابة لأداء صلاة الظهر.
وفي سياق متصل، قرر اللاعب تصعيد النزاع الأسري، من خلال رفع دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة لضم حضانة ابنتيه، بعد بلوغهما السن القانوني الذي يسمح للوالد بطلب ضم الحضانة إذا ثبت عجز الأم عن الرعاية أو إذا رغب الأب في تحمل المسؤولية.

محكمة الأسرة حددت جلسة يوم 3 أغسطس 2025 لنظر الدعوى، وأكد محامي اللاعب أن موكله يسعى بجدية إلى استعادة العلاقة مع ابنتيه، وتوفير بيئة مستقرة لهما، مع وعد بعدم منع الأم من رؤيتهما.

من الملعب إلى السجن.. صالح جمعة ممنوع من السفر بسبب النفقة

صالح جمعة (صالح جمعة أحمد صالح)

وفي سياق منفصل، تحول اللاعب صالح جمعة، نجم الأهلي السابق، من أحد أبرز لاعبي خط الوسط في الكرة المصرية إلى واحد من الأسماء المتداولة في ساحات محاكم الأسرة، بعد أن صدر ضده حكم بالحبس لمدة شهر، وقرار منعه من السفر خارج البلاد، بسبب امتناعه عن دفع مستحقات النفقة لطليقته، التي بلغت مئات الآلاف من الجنيهات، وسط تطورات قانونية متلاحقة تهدد مستقبله المهني والشخصي.

قرار قضائي بمنع السفر

في تطور جديد، أصدرت محكمة الأسرة قرارًا رسميًا بمنع صالح جمعة من مغادرة البلاد، استنادًا إلى الحكم القضائي الصادر ضده في الدعوى رقم 6612 لسنة 2024 أسرة القاهرة الجديدة، الذي نصّ على حبسه لمدة شهر لامتناعه عن سداد النفقة المستحقة لطليقته، والتي بلغت قيمتها 420 ألف جنيه في البداية، ثم تم الإعلان لاحقًا عن وصولها إلى 507 آلاف جنيه بعد احتساب متأخرات جديدة.

وقد تم إدراج اسم اللاعب على قوائم الممنوعين من السفر، وأُخطر بذلك الجهات الأمنية، وذلك ضمن الإجراءات القانونية لضمان تنفيذ الحكم القضائي وعدم التهرب من المسؤولية.

خلفية الأزمة

القضية تعود إلى خلافات أسرية طويلة بين صالح جمعة وطليقته، انتهت إلى محاكم الأسرة التي ألزمته بدفع مبلغ 35 ألف جنيه شهريًا كنفقة زوجية تشمل جميع أنواع النفقات، على أن تُحتسب بدءًا من تاريخ التوقف عن السداد وحتى نهاية العدة الشرعية، مع إلزامه بسداد المصاريف القضائية كذلك.

وبحسب المحامي معتز الدكر، الموكل عن طليقة اللاعب، فإن اللاعب امتنع تمامًا عن الدفع، رغم صدور حكم واجب النفاذ، ما دفع الطليقة إلى رفع دعوى حبس، والتي أيدتها المحكمة بحكمها النهائي.

الحكم بالحبس والامتناع عن التنفيذ

في 12 يناير 2025، قررت المحكمة حبس صالح جمعة لمدة شهر بسبب امتناعه عن السداد، بعد أن ثبت تقاعسه عن دفع المبلغ رغم الإنذارات الرسمية. وتم تنفيذ الحكم، في وقت ما زال فيه اللاعب مقيدًا في سجلات اتحاد الكرة، ما أثار تساؤلات حول تأثير هذه القضية على مستقبله الرياضي.

وفي ظل استمرار القضية، فإن صالح جمعة أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الالتزام بدفع المستحقات المالية لطليقته وتنفيذ الحكم، مما قد يفتح له باب التسوية والعودة إلى الملاعب بحرية، أو الاستمرار في المماطلة، وهو ما يعني مزيدا من العقوبات القانونية وربما المزيد من الأزمات التي قد تنهي مسيرته تمامًا.

رحلة أحمد فتوح مع ساحة القضاء.. من حادث مأساوي إلى نهاية قانونية

وفي واحدة من أكثر القضايا التي أثارت الرأي العام الرياضي والقانوني في مصر، مرّ لاعب نادي الزمالك ومنتخب مصر "أحمد فتوح" برحلة قانونية شائكة بدأت في صيف عام 2024، وانتهت بحكم قضائي نهائي بعد سلسلة من الجلسات، والتحقيقات، والمرافعات، والتصالح مع أسرة الضحية، التي كانت حجر الزاوية في تغيير مسار القضية.

حادث دهس في الساحل الشمالي

في مساء 11 أغسطس 2024، وقع الحادث المأساوي الذي غير مجرى حياة لاعب الزمالك أحمد محمد أبو الفتوح، وذلك أثناء قيادته سيارته على الطريق الساحلي في منطقة العلمين. وبحسب البلاغ الرسمي المقيد تحت رقم 1939 لسنة 2024 جنايات قسم شرطة العلمين، فقد صدمت سيارة اللاعب أحد المارة، ويدعى السيد أحمد السيد، ما أسفر عن وفاته متأثرًا بإصاباته.

التحقيقات الأولية كشفت أن أحمد فتوح كان يقود بسرعة زائدة وتحت تأثير مخدر الحشيش، وهو ما أكدته عينة الدم التي تم تحليلها عقب الحادث. كما أورد تقرير النيابة العامة أن الحادث وقع نتيجة "الإهمال والرعونة وعدم مراعاة القوانين واللوائح" أثناء القيادة.

الحبس والتحاليل وقرار الإحالة

فور وقوع الحادث، تم القبض على أحمد فتوح، وكان برفقته محمد صبحي حارس الزمالك، الذي تم إخلاء سبيله لاحقًا بعد التأكد من عدم مسؤوليته. أما فتوح، فتم حبسه احتياطيًا، وقرر قاضي المعارضات في 13 أغسطس تجديد حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، بعد ثبوت إيجابية التحاليل الخاصة بالمخدرات.

وفي 15 أغسطس، أصدرت النيابة العامة أمرًا بإحالته إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل الخطأ، وقيادة مركبة تحت تأثير المواد المخدرة، وهي تهمٌ يعاقب عليها القانون بشدة.

الجلسات الأولى

بدأت أولى جلسات محاكمته في 19 أغسطس أمام محكمة جنايات مطروح، وشهدت حضورًا إعلاميًا وجماهيريًا لافتًا، خاصة بعد ظهور اللاعب بعلامات إرهاق نفسي واضحة، وفي الجلسة الثانية، التي عُقدت في 16 سبتمبر، قررت المحكمة إخلاء سبيله بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه، ليتم الإفراج عنه من قسم الشرطة.

محاولة الصلح

بعد خروجه، توجه أحمد فتوح مباشرة إلى الإسكندرية لتقديم العزاء لأسرة الضحية، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام بـ"الإنسانية والمؤثرة". وتبع ذلك زيارة ثانية بتاريخ 20 أكتوبر، أعلن فيها الطرفان التوصل إلى اتفاق صلح، تضمن دفع دية شرعية تجاوزت قيمتها 10 ملايين جنيه، وتم توثيق التصالح أمام النيابة الحسبية، نظرًا لأن أبناء المجني عليه كانوا قُصرًا.

بسبب حفل.. الزمالك يتخذ قرارا حاسما ضد أحمد فتوح ويحيله للتحقيق (فيديو-  صورة) - RT Arabic

وفي جلسة يوم 22 أكتوبر، حضر الورثة الشرعيون للمجني عليه، وأقروا بالتصالح أمام المحكمة وتنازلوا عن الحقين المدني والجنائي.

الحكم النهائي سنة حبس مع وقف التنفيذ

في ضوء هذه التطورات، وبعد نظر القضية في ثلاث جلسات، أصدرت محكمة جنايات مطروح الدائرة الثانية حكمها النهائي في 16 نوفمبر 2024، برئاسة المستشار إيهاب محمود إسماعيل. جاء الحكم بحبس أحمد فتوح سنة مع إيقاف التنفيذ، وتغريمه 20 ألف جنيه، مع إلغاء رخصة القيادة الخاصة به، وأعلنت المحكمة انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.

تم نسخ الرابط