أحمد الشرع يخوض أصعب اختبار منذ سقوط الأسد .. هل «السويداء» السبب ؟

ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن المواجهات الأخيرة التي اندلعت في محافظة السويداء السورية قد تشكل نقطة تحوّل مفصلية في مسيرة الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، معتبرة أن الأحداث الجارية في هذه المدينة الجنوبية تمثل أخطر تحدٍ لرئاسته الوليدة.
وبحسب الصحيفة، فإن أحمد الشرع قد يجد نفسه مضطرًا للاختيار بين مسارين شديدي الحساسية: إما التراجع عن مشروعه الهادف إلى إعادة فرض سلطة الدولة على الجنوب، بما يعني تعطيل طموح توحيد سوريا، أو الدخول في صدام ميداني محفوف بالتعقيد مع إسرائيل، في ظل توتر إقليمي متصاعد.
ونقلت الصحيفة، عن المحلل السياسي السوري مالك العبدة، المقيم في لندن، قوله إن ما يحدث في السويداء هو أكثر اللحظات حساسية منذ بدء مرحلة الانتقال في سوريا، وربما يمثل أول خطأ استراتيجي يرتكبه الرئيس الشرع.
وأضاف العبدة، أن أحمد الشرع كان قد راكم نجاحات في السياسة الخارجية، كرفع العقوبات وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، إلا أن التطورات الأخيرة قد تهدد بتقويض تلك المكاسب السياسية والدبلوماسية.
وتعد الأزمة الحالية، ، اختبارًا لمدى قدرة النظام الجديد على احتواء التوترات الطائفية والسياسية، خاصة بعد مرور ثمانية أشهر فقط على الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، في هجوم عسكري واسع قاده الشرع، وأنهى بذلك حربًا أهلية امتدت 14 عامًا، وفق فايننشال تايمز
تصاعد الصراع في جنوب سوريا
وشهدت مدينة السويداء، خلال الأيام الأخيرة مواجهات دامية بين فصائل درزية محلية ومجموعات بدوية مسلحة، أودت بحياة المئات. وسُجل التصعيد الأكبر بعد دخول وحدات من القوات الحكومية إلى المحافظة، في سابقة هي الأولى منذ تولي الشرع السلطة، وانتهت الاشتباكات باتفاق هش لوقف إطلاق النار، لا يزال تحت التقييم.
وخلال سنوات الحرب الطويلة، اتخذت الطائفة الدرزية موقف الحياد النسبي تجاه نظام الأسد، مقابل الحفاظ على مستوى من الحكم الذاتي وتشكيل فصائلها المسلحة الخاصة. إلا أن الإطاحة بالأسد لم توحّد صفوف القيادة الدرزية، بل ولّدت انقسامًا حول أحمد الشرع، في ظل اتهامات لفصائل حليفة له بارتكاب مجازر بحق عناصر درزية ومدنيين متعاونين سابقًا مع النظام.

اعتراف النظام السوري بوقوع انتهاكات في السويداء
وفي اعتراف نادر، أقر أحمد الشرع، بوقوع انتهاكات خطيرة في السويداء، مؤكداً أن المسؤولين عنها سيخضعون للمحاسبة. إلا أن هذه التصريحات لم تكن كافية لاحتواء الغضب الشعبي، خاصة وأن الحادثة تأتي بعد مواجهات مشابهة شهدها الساحل السوري في مارس الماضي، ما أثار شكوكًا حول مدى التزام النظام الجديد بحماية الأقليات وضمان أمنها.
وتوقعت الصحيفة، أن تؤثر هذه الأحداث سلبًا على صورة الشرع، التي حاول ترسيخها كقائد عسكري حازم يسعى لتوحيد البلاد. كما رجحت أن تنعكس تداعياتها على علاقة النظام مع القوى الكردية في الشمال الشرقي، والتي لا تزال مترددة بشأن الاندماج الكامل مع دمشق.
وفي هذا الإطار، قال عصام الريس، المستشار العسكري في مؤسسة "إيتانا"، إن "المواجهات في الساحل كانت ذات طابع دفاعي، أما ما يجري الآن في السويداء فهو تصعيد مختلف تمامًا من حيث الحدة والدلالات الطائفية".
وقد ساهم تصاعد المشاعر الطائفية في إطلاق دعوات من بعض السوريين السنّة لفرض حصار اقتصادي على السويداء، ما يهدد بانهيار النسيج الوطني ويعمّق من حالة الانقسام، بحسب الريس الذي أشار إلى أن الدروز اليوم في حالة قلق غير مسبوقة، وهم مستعدون لقبول أي جهة توفر لهم الحماية، مهما كانت هويتها.
تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء
وفي محاولة لاحتواء التدهور الأمني، أعلنت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز عبر منشور على "فيسبوك"، تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه، وجاءت أبرز بنوده كالتالي:
1. انتشار القوى الأمنية: نشر حواجز تابعة للأمن العام خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، بهدف السيطرة على الموقف ومنع تسلل مجموعات مسلحة.
2. حماية القرى الحدودية: يمنع دخول أي طرف إلى القرى الواقعة على أطراف المحافظة لمدة 48 ساعة من بدء تنفيذ الاتفاق، لإتاحة المجال أمام الانتشار الأمني وتفادي الهجمات المباغتة.
3. الخروج الآمن للعشائر: تأمين مغادرة من تبقى من أبناء العشائر البدوية داخل السويداء، بمرافقة من الفصائل المحلية، وضمان عدم تعرضهم لأي انتهاكات.
4. فتح معابر إنسانية: تحديد معبري بصرى الحرير وبصرى الشام كقنوات آمنة لعبور الحالات الإنسانية والطبية الطارئة.
5. ضبط تحركات الفصائل: دعوة جميع المجموعات الأهلية إلى عدم تجاوز حدود محافظة السويداء والامتناع عن أي تحركات استفزازية قد تثير التوتر.
6. تحميل المسؤولية عن الخروقات: تُحمّل أي جهة تنتهك الاتفاق مسؤولية كاملة عن انهيار التفاهمات.
7. دعوة إلى شباب محافظة السويداء: حيث طالبت الرئاسة الروحية شباب المحافظة التحلي بأقصى درجات المسؤولية والانضباط، والتعاون الكامل لوقف هذه المحنة التي أنهكت المواطنين.