«الطيب» شوكة في حلق الصهاينة.. مرصد الأزهر يكشف موقف إسرائيل من الإمام (خاص)

كيف ينظر الاحتلال الصهيوني لدور الأزهر وإمامه الأكبر في دعم القضية الفلسطينية؟، سؤال شاغل للأذهان خاصة في ظل الدعم الغير محدود الذي يجده الشعب الفلسطيني من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، ووسط هجوم الصحف والإعلام العبري يواصل الإمام دوره في التوعية بالقضية واعتبارها أم القضايا في المنطقة والعالم وسبيل وقف الإرهاب والتطرف وإرساء السلام.

الطيب.. داعم وبشدة للحق الفلسطيني
يقول الدكتور وسام حشاد ، مشرف وحدة رصد اللغة العبرية بمرصد الأزهر في تصريحات خاصة لـ «نيوز رروم»، إن الاحتلال يرى أن الأزهر، ممثلًا في فضيلة الإمام الأكبر، داعم وبشدة للحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ورافض لجميع أشكال الانتهاكات التي يتعرض الشعب الفلسطيني.
وتابع: هذا بدوره أدى إلى تعرض الأزهر كمؤسسة، وفضيلة الإمام (شخصيًا)، إلى سهام الانتقادات الصهيونية في أكثر مناسبة، خاصة في فترة ما بعد السابع من أكتوبر.
وأكد مشرف وحدة العبري إلى أن الأمر لم يتقصر على وسائل الإعلام والصحف الصهيونية، وإنما جاء ذلك في عدد من إصدارات مراكز الأبحاث الخاصة بشئون الشرق الأوسط والثقافة الإسلامية. حيث اتهموا فضيلة الإمام الأكبر –كذبًا وبهتانًا- بدعم الإرهاب، كما وصفوه بأنه محرض على قتال الكيان الصهيوني.
وبدورها قامت الوحدة برفع تقارير خاصة لفضيلة الإمام تُطلعه من خلالها على جميع التطورات والمستجدات في الساحة الإعلامية، والمراكز البحثية، واللقاءات التلفزيونية.
الأزهر يرصد جرائمه ويرد عليها
في حين، يقول الدكتور حمادة شعبان، مشرف وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر، إن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الكيان الصهيوني للأزهر الشريف، بسبب أن الأزهر يرصد جرائمه ويرد عليها ويكشف للعالم بمختلف اللغات من خلال مرصده لمكافحة التطرف.
وأوضح في تصريحات خاصة أن سبب كره العالم الحر لإسرائيل هو آلة القتل التي يعملونها في الشعب الفلسطيني والتي تجاوزت جميع الحدود، وذهب ضحيتها ما يقرب من 100 ألف فلسطيني، وإن كانوا يريدون حقًا أن ينظر إليهم العالم العربي نظرة إيجابية فالطريق إلى ذلك معروف، ويبدأ بإيقاف المجاذر، والسماح بدخول المساعدات وإعادة الإعمار، ووقف الاستيطان، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، والسماح بقيام دولة فلسطين... عدا ذلك لن تتغير النظرة إليهم.
يجب على قادة هذا الكيان أيضا أن يعلموا أن مصر ليست كالدول التي اعتاد قادة إسرائيل على محاباتها لهم، وتجاوزها عن جرائمهم، وازدواجية معاييرها لصالحهم، بل إن مصر ستظل مساندة وداعمة لقيام دولة فلسطين وعودة الحق إلى أصحابه، ولن تصمت على جرائم الاحتلال البشعة في حق الأطفال والنساء والأبرياء والتي ما كان الغرب ليتحملها أو ليصمت صمت القبور عنها إن كان ضحاياها ينتسبون إلى أي فئة أخرى من غير العرب والمسلمين.
داعيًا إعلام إسرائيل وقادتها إلى التعرف على الأزهر وقراءة مناهجه وخطابات شيخه إن أرادوا معرفة المعنى الحقيقي للسلام، كما أدعوهم إلى النظر إلى هذا المقتطف من كلمة فضيلة الإمام الأكبر في عام 2014، التي قال فيها: "ظن القائمون على هذا الكيان أن إضعاف من حوله من الجيران سيكون مصدر قوته وأمنه وسلامه، ونسوا أو تناسوا أن حقائق التاريخ والجغرافيا وطبائع الأمور تأبى تصور سفينة آمنة من الغرق والموج من حولها عاتٍ ومصطفق، وتقضي بأن السلام الذي يُحرم منه الجيران يُحرم منه هذا الكيان، طال الأمد أو قصر".
وشدد عليهم أن يحذروا من محاولة التدخل في شئون أي مؤسسة مصرية، وأن يضعوا دائمًا نصب أعينهم مقولة الرئيس "عبد الفتاح السيسي": "محدش يجرب مصر!".
الأزهر يتبرأ من أئمة أوروبا المطبعين: لا يمثلون الإسلام ولا المسلمين
بدوره كان الأزهر الشريف قد أعرب عن استياءه البالغ لزيارة عدد ممن وصفوا أنفسهم بالأئمة الأوروبيين بقيادة المدعو حسن شلغومي، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولقاء رئيس الكيان الصهيوني المحتل، وحديثهم المشبوه والخبيث عن أن الزيارة تهدف إلى ترسيخ «التعايش والحوار بين الأديان»، ضاربين صفحًا عن معاناة الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية وعدوان غير مسبوق ومجازر ومذابح وقتل متواصل للأبرياء لأكثر من 20 شهرًا.
واستنكر الأزهر بشدة هذه الزيارة من هؤلاء الذين عَمِيت أبصارهم وبصائرهم، وتبلدت مشاعرهم عما يقاسيه هذا الشعب المنكوب، وكأنهم لا تربطهم بهذا الشعب أية أواصر إنسانيَّة أو دينيَّة أو أخلاقيَّة، كما يحذر الأزهر من هؤلاء وأمثالهم من المأجورين المفرِّطين في قيمهم الأخلاقية والدينية، وأن أمثال هؤلاء عادة ما ينتهي بهم تاريخهم وصنيعهم إلى صفحات التاريخ السوداء.
ويؤكد الأزهر أن هذه الفئة الضَّالَّة لا تمثل الإسلام ولا المسلمين ولا الرسالة التي يحملها علماء الدين والدعاة والأئمة في التضامن مع المستضعفين والمظلومين، محذِّرًا جموع المسلمين في الشرق والغرب من الانخداع بهؤلاء المنافقين وأمثالهم من الآكلين على موائد الخزي والعار والمهانة، حتى وإن صلوا صلاة المسلمين، وزعموا أنهم أئمة ودعاة.

من المراغي إلى الطيب.. الأزهر تاريخ من النضال ضد الاحتلال
يعود أول نضال للأزهر الشريف فى هذه القضية إلى عام 1929م وقت هَبَّة أو انتفاضة البراق حين اصطدم اليهود بالمسلمين عند حائط البراق، فحذر الشيخ محمد مصطفى المراغى، شيخ الأزهر فى هذا الوقت، السلطات البريطانية حين كانت فلسطين تحت انتدابها من الأعمال التى يقوم بها اليهود.
وفى يناير 1935م أراد اليهود شراء الأراضى من الفلسطينيين لتكون لهم بالملك فصدرت أول فتوى بتحريم بيع الأراضى لليهود، على يد اثنين من علماء الأزهر الشريف، وهما: الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ أمين الحسينى، وذلك بعد اجتماعهما مع العلماء فى مؤتمر علماء فلسطين الذى عقد بالمسجد الأقصى.
وفى عهد الشيخ عبدالمجيد سليم، شيخ الأزهر الأسبق، أجابت لجنة الفتوى برئاسته على سؤال ورد إليها عن حكم من يبيع أرضه لليهود أو يعمل سمسمارا لهذا البيع، وكان فى الجواب: «الرجل الذى يحسب نفسه من جماعة المسلمين إذا أعان أعداءهم فى شىء من هذه الآثام المنكرة، وساعد عليها مباشرة أو بواسطة، لا يُعد من أهل الإيمان، وعلى المسلمين أن يعادوا هؤلاء وينبذوهم ويقاطعوهم فى متاجرهم ومصانعهم ومساكنهم ومجتمعاتهم.
وقد حرص الأزهر على دعم الثورة الفلسطينية الكبرى، فخرج طلاب الأزهر وشيوخه فى مظاهرات تحذيرية لبريطانيا من أجل تأييدها للصهاينة.
وحين صدر قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود هب الأزهر مدافعا، وأصدر بيانا يعرب فيه عن رفضه وأدان هذا القرار. وطلب شيخ الأزهر وقتها من رئيس الحكومة المصرية التدخل باسم مصر لحل هذه القضية.
وقبل إعلان اليهود دولتهم على أرض فلسطين بشهر واحد سنة 1948م أفتى الشيخ حسنين مخلوف مفتى مصر وقتها بوجوب الدفاع عن فلسطين والأراضى المقدسة بالنفس والمال، واعتباره واجبا شرعيا على القادرين من أهلها وأهل الدول الإسلامية وأن من نكص عن القيام بهذا الواجب مع الاستطاعة كان آثما.
وقد أصدر شيخ الأزهر محمد مأمون الشناوى فتواه الشهيرة فى أثناء حرب 1948م بوجوب التصدى لليهود المعتدين، وحماية أرض العروبة والإسلام وعقدت المؤتمرات الإسلامية فى رحاب الأزهر، وصدرت عنها التوصيات الداعية بإلحاح إلى الوحدة الإسلامية.
وعقد المؤتمر الثانى لمجمع البحوث الإسلامية عام 1965م وكان فى مقرراته ضرورة التصدى للمعتدين وأن قضية فلسطين هى قضية المسلمين جميعا لارتباطها بدينهم وتاريخهم، وغير ذلك مما قرره المجمع.
ومنذ ذلك الحين توالت نداءات الأزهر الشريف، وبياناته فى مطالبة المجتمع الدولى بتأكيد عروبة القدس وحماية المقدسات الإسلامية فى القدس، ومنها: توصيات المؤتمر الرابع أيضاً لمجمع البحوث الإسلامية عام 1968م، وأوضح أن قيام الأمة بحماية مقدساتها يعد فريضة من فرائض الدين.
واستمر دعم شيوخ الأزهر لهذه القضية شيخا بعد شيخ ومن أبرزهم فضيلة الإمام عبدالحليم محمود وفضيلة الإمام جاد الحق على جاد الحق.
وزاد الدعم ودوَّل الأزهر هذه القضية على يد فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، فجعل الإمام أهم أولوياته قضية القدس وفلسطين فأصدر فضيلته فى نوفمبر 2011م وثيقة القدس بعد الاعتداءات الصهيونية على المقدسات الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى، أكد فيها على عروبة القدس، وافتراء الصهاينة فى ادعائهم أن الأرض المقدسة هى لهم.
وفى أبريل 2012 عقد مجمع البحوث الإسلامية جلسه طارئة بمشيخة الأزهر برئاسة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر من أجل قضية القدس.
وفى مايو 2012م وافق الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، على فتح معاهد أزهرية بفلسطين خاصة فى القدس والضفة الغربية وغزة، كما وافق على أن تكون المعاهد الأزهرية فى فلسطين مقرَّا لفرع الرابطة العالمية لخريجى الأزهر الشريف، وعلى أن تكون المعاهد الأزهرية مسئولة عن أى نشاط دينى يتعلق بالأزهر الشريف.
وأدان مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر فى بيانه اعتداء الكيان الصهيونى على المسجد الأقصى فى أكتوبر 2015م ومنع المسلمين من ممارسة حقهم التاريخى والدينى فى المسجد الأقصى، واستنكر أعمال الحفر المستمرة فى ظل التسويق للهيكل المزعوم
وتوالت جهود فضيلة الإمام دوليا وفى كل عام حتى جاء مايو 2016م فى الملتقى الثانى للحوار بين حكماء الشرق والغرب بالعاصمة الفرنسية باريس. فوجه الإمام خطابه العالمى المشهور للشعوب الأوروبية والمسلمين حول العالم، وأكد فيه أن حل القضية الفلسطينية يمثل مفتاح المشكلات الكبرى التى تعيق التقاء الشرق بالغرب وتباعد ما بين الشعوب وتؤجج صراع الحضارات.
وفى ديسمبر 2017م عقد فضيلة الإمام اجتماعًا طارئًا مع هيئة كبار العلماء بالأزهر ومجلس حكماء المسلمين ؛ لبحث قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف، وأعلن فضيلته عن مؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس.
وحذر شيخ الأزهر خلال لقائه برئيس الوزراء البريطانى «تونى بلير» من أن نقل بعض الدول سفاراتها إلى مدينة القدس سيفتح أبواب جهنم على الغرب قبل الشرق.
ومما يفخر به التاريخ ويسجله، موقف فضيلته المشرف حين رفض طلبا رسميا من نائب الرئيس الأمريكى مايك بينس للقاء فضيلته وقال: «كيف لى أن أجلس مع من يزيفون التاريخ ويسلبون حقوق الشعوب؟!».
ثم عقد الأزهر مؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس فى يناير 2018م وكان من وصايا شيخ الأزهر فيه أن يكون عام 2018م عام القدس، وكان من توصيات المؤتمر أن تدرس مادة عن القدس فى جميع الدول الإسلامية وتكون ضمن المقررات الدراسية.