باحث سياسي: "المدينة الإنسانية" خطة لتهجير الفلسطينيين وتبرير الإبادة

قال الدكتور طلال أبو ركبة، الباحث السياسي، إن ما تروج له سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحت مسمى "المدينة الإنسانية" ليس إلا غطاءً لسياسة ممنهجة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسريًا، ضمن خطة واسعة للإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وأكد أبو ركبة، خلال مداخلته عبر قناة إكسترا نيوز، أن هذه المساعي تعكس إصرار إسرائيل على إحلال التهجير محل الحلول السياسية، مشيرًا إلى أن "مدينة الخيام" ليست سوى معسكر اعتقال، يشبه في بنيته وتجربته معسكرات النازية إبان الحرب العالمية الثانية، مع إسقاط قناع إنساني زائف عليها، لتضليل المجتمع الدولي وتجميل وجه الجريمة الإنسانية المتواصلة في غزة.
سياسة التهجير.. خطة من ثلاث مراحل
ونوه أبو ركبة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتنفيذ خطة تهجير تقوم على ثلاث ركائز رئيسية: أولها، خلق واقع إنساني مدمر يدفع الفلسطينيين إلى التفكير في الهجرة الجماعية بدلاً من الفردية؛ وثانيها، فتح ممرات للهجرة، مثل معبر رامون وجسر الكرامة، بعد إغلاق معبر رفح بقوة السلاح؛ أما الركيزة الثالثة والأخطر، فهي البحث عن دول مستقبلِة تكون شريكة في هذه الجريمة.
وأشار إلى أن الاحتلال حاول في البداية تحميل مصر مسؤولية استقبال المهجّرين، إلا أن الموقف المصري الحاسم، والذي اعتبر الأمر تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري واتفاقية كامب ديفيد، أفشل هذه المحاولة في مهدها.
المدينة الإنسانية.. قناع زائف لكارثة إنسانية
وأكد الباحث السياسي أن إسرائيل تحاول تسويق فكرة إقامة "مدينة إنسانية" تضم أكثر من 600 ألف فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 45 كم²، وهو ما يُعد، بحسب وصفه، "أكبر معتقل إنساني عرفه التاريخ الحديث"مشيرا إلى أن الدخول أو الخروج من هذه المدينة يتم بشروط إسرائيلية صارمة، ما يجعلها أداة ضغط إضافية لفرض التهجير تحت غطاء إنساني.
وأوضح أبو ركبة أن إسرائيل تحاول استخدام هذا النموذج لجذب دول العالم للمشاركة في "تفريغ" غزة تدريجيًا، تحت ذريعة التخفيف من الواقع الإنساني، مشيرًا إلى أن هذه السياسة ليست طارئة، بل امتداد لمحاولة تصحيح ما تصفه الأدبيات الإسرائيلية بـ"الخطأ التاريخي"، في إشارة إلى فشل مؤسس إسرائيل ديفيد بن حوريون في استكمال تهجير الفلسطينيين عام 1948.
من كارثة إلى فرصة.. كيف توظف إسرائيل 7 أكتوبر؟
ونوه أبو ركبة إلى أن الاحتلال يحاول استثمار ما جرى في 7 أكتوبر، وتحويل هذه المحنة إلى "منحة استراتيجية"، تتيح له تنفيذ خطة تهجير منهجي تبدأ من غزة، مستغلًا التعاطف الدولي مع المعاناة الإنسانية، رغم أن الاحتلال هو من خلق هذا الواقع الكارثي.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن ما يجري في غزة ليس مجرد حرب، بل عملية إبادة شاملة تستهدف الإنسان الفلسطيني ووجوده، مطالبًا المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته في مواجهة هذه الجريمة المستمرة.