عاجل

لعنة غزة: حالات الانتحار تجتاح جيش الاحتلال.. والرقابة تمنع ظهور الحقيقة كاملة

انتحار الجنود الاسرائيليين
انتحار الجنود الاسرائيليين

قال المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، قبل اندلاع الحرب الحالية، إن الجندي الإسرائيلي إذا دخل إلى قطاع غزة، فلن يكون أمامه سوى خيارات محدودة: إما أن يُقتل (وقد قُتل 893 حتى الآن)، أو يُصاب بإعاقة (وقد تجاوز عدد المصابين بعاهات أكثر من 10 آلاف)، أو يُصاب بمرض نفسي يلازمه مدى الحياة.

وبالفعل، تؤكد التقارير الإسرائيلية أن آلاف الجنود أُصيبوا باضطرابات نفسية، أبرزها اضطراب ما بعد الصدمة، فيما دفع عدد منهم حياتهم ثمنًا لتلك الأمراض، إذ شهدت الأيام العشرة الماضية ثلاث حالات انتحار في صفوف جنود الاحتلال.

جلسة طارئة في الكنيست والجيش يتكتم

وأمام تصاعد أعداد المنتحرين، قدم 9 أعضاء من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (من أصل 25) طلبًا رسميًا لعقد جلسة طارئة لمناقشة الظاهرة، وأكدوا في رسالتهم أن رفض الجيش الكشف عن الأعداد الحقيقية “يمس ثقة الجمهور بالمؤسسة العسكرية”.

وقالوا: “لا يمكن الانتظار حتى نهاية العام لنشر البيانات، في وقت يخوض فيه الجنود حربًا ويتعرضون لأعباء نفسية غير مسبوقة، ويحتاجون إلى دعم فوري”.

 

الجيش يرفض الكشف عن الأرقام

وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، رفضت وحدة القوى البشرية في جيش الاحتلال الرد على الطلب الرسمي لعقد الجلسة الطارئة بالكنيست، وأيضًا طلب المراسل العسكري يارون كادوش بالحصول على معطيات رسمية، وأجابت كما فعلت سابقًا: “انتظروا حتى يناير 2026”.

وفي أحدث حلقات الانتحار، أُصيب اليوم جندي من سلاح المظليين بجروح خطيرة إثر إطلاق النار على نفسه في قاعدة عسكرية، فيما شهد الأسبوع الماضي حادثتين مشابهتين، كان آخرها لجندي في لواء “نحال” أنهى حياته في قاعدة بهضبة الجولان، بعدما شارك في القتال بقطاع غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن فتح تحقيق في كل حالة، لكنه لم ينشر أي تفاصيل حول دوافع الانتحار، مكتفيًا بإحالة النتائج إلى النيابة العسكرية لاحقًا.

دانيال إدري.. الحزن قاتل

كما أقدم جندي الاحتياط دانيال إدري على الانتحار بعد أن فقد اثنين من أصدقائه في هجوم 7 أكتوبر، فيما عُثر على جندي آخر ميتًا دون نشر اسمه حتى اللحظة.

ويلاحظ أن القاسم المشترك بين جميع المنتحرين هو مشاركتهم في الحرب على غزة كما لو أن الدخول إلى غزة بات“لعنة تطارد الجنود حتى بعد عودتهم”،

هآرتس تكشف.. والجيش يبرر

ورغم أن الجيش الإسرائيلي يعزو تزايد حالات الانتحار إلى “ظروف شخصية” وتزايد عدد المجندين من الاحتياط، فإن صحيفة هآرتس فندت تلك الادعاءات، مؤكدة أن العديد من المنتحرين خاضوا تجارب قتالية صعبة، ما لا يمكن فصله عن تدهورهم النفسي.

وبحسب الأرقام المتداولة، أقدم ما لا يقل عن 43 جنديًا على الانتحار منذ بداية الحرب، وسط تكتم رسمي.

لعنة الحرب تصيب المدنيين 

ولم تقتصر الأزمات النفسية على الجنود، إذ طالت المدنيين أيضًا، خاصة من نجوا من أحداث السابع من أكتوبر.
ففي شهادة بيوليو من العام الماضي ، قال “غاي بن شمعون”، أحد الناجين من مهرجان “نوفا” الموسيقي، خلال جلسة استماع في الكنيست، إن 50 شخصًا من المشاركين في الحفل انتحروا لاحقًا، بعد فشلهم في تجاوز الآثار النفسية.

وأوضح أن الأرقام التي تحدث عنها تعود لأشهر ماضية من تاريخ شهادته، ومن المرجح أنها ارتفعت، مضيفًا أن كثيرًا من الناجين دخلوا في حالات اكتئاب شديدة، أو اضطراب ما بعد الصدمة، وبعضهم لم يعد يغادر سريره.

وتابع بن شمعون: “أنا شخصيًا لم أعد كما كنت، لا أستطيع العمل، أنام ساعتين فقط، وأشعر أنني تائه منذ ذلك اليوم”.

التعتيم الإعلامي مستمر

وتبقى المعاناة النفسية لمعظم الجنود والمدنيين الإسرائيليين طي الكتمان، بفعل الرقابة العسكرية المشددة المفروضة على وسائل الإعلام، والتي تمنع تداول معلومات دقيقة حول الخسائر البشرية، وخاصة النفسية.

لكنّ الوقائع تتحدث عن نفسه،. فالجنود الذين دخلوا غزة عادوا معاقين، أو في توابيت، أو بأرواح مُنهكة، فيما تبقى الرواية الحقيقية للحرب، في كثير من جوانبها، غائبة عن الوعي العام الإسرائيلي بفعل الرقابة.

تم نسخ الرابط