هل يستطيع سد النهضة حجب مياة نهر النيل؟.. هشام العسكري يجيب

أكد الدكتور هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظم الأرض بجامعة تشابمان الأمريكية، أن إثيوبيا أعلنت أن الهدف المعلن من بناء سد النهضة هو توليد الطاقة الكهرومائية، وليس التحكم في تدفق مياه نهر النيل إلى دول المصب، خاصة مصر والسودان.
وأوضح هشام العسكري أن السد، في وضعه الحالي، لا يستطيع منع تدفق المياه إلى مصر بشكل دائم، لكنه قد يؤثر على تدفقات المياه خلال فترات الجفاف وسنوات الشح المائي، جاءت تصريحات الدكتور العسكري خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "حضرة المواطن" عبر فضائية "الحدث اليوم"، حيث تناول الجوانب الفنية للسد وقدرته التخزينية وتأثيراته المحتملة على الأمن المائي المصري.
سد النهضة لتوليد الطاقة
قال هشام العسكري إن سد النهضة بُني، وفقًا للتصريحات الإثيوبية الرسمية، لغرض توليد الطاقة الكهرومائية، وبالتالي فإن تشغيله يعتمد على مبدأ التخزين المؤقت للمياه ثم إعادة تمريرها لتشغيل التوربينات، وليس حجزها الدائم.
وأوضح هشام العسكري أن هذا النوع من السدود يُعرف بـ"السدود الممرّة"، وهي لا تحتجز المياه لأغراض الزراعة أو الشرب، وإنما يتم ملء بحيرتها ثم تفريغ المياه لتوليد الكهرباء، مضيفًا: "من الناحية الفنية، بحيرة السد لها سعة تخزينية محددة تبلغ حوالي 74 مليار متر مكعب، وبعد الوصول لهذا الحد، لا يمكن حجز أي كميات إضافية من المياه، بل يجب تمريرها تلقائيًا".
لا مجال لحجب مياه النيل
شدد هشام العسكري على أنه لا يمكن حجب مياه النيل عن مصر بالكامل من خلال سد النهضة، موضحًا أن الفيضان السنوي للنيل، بعد امتلاء البحيرة، سيتدفق بشكل طبيعي إلى السودان ومصر، مضيفًا: "أي مياه زائدة عن السعة التخزينية للسد سيتم تمريرها تلقائيًا، وهذا ما يجعل فكرة منع تدفق المياه إلى مصر غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ".
كما أشار هشام العسكري إلى أن تصميم السد وتكوينه لا يسمح بالتحكم الكامل في تدفق المياه على المدى الطويل، وأن الطبيعة الجغرافية للنيل الأزرق تفرض نفسها في هذا الإطار.
الجفاف وغياب التنسيق
في المقابل، حذر الدكتور هشام العسكري من احتمالية تأثر مصر سلبًا خلال فترات الجفاف، إذا لم يكن هناك تنسيق مسبق وجدول واضح للملء والتفريغ، قائًلا: “إثيوبيا قد تقوم بملء السد في سنوات شحيحة المياه دون مراعاة احتياجات دول المصب، وهو ما قد يؤدي إلى نقص كميات المياه الواصلة إلى مصر في تلك الفترات الحرجة”.
وأكد هشام العسكري أن الحل يكمن في الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم يحدد آليات تشغيل السد خلال فترات الجفاف والفيضان، ويضمن التنسيق بين الأطراف الثلاثة (مصر، السودان، إثيوبيا)، مشددًا على أن غياب التنسيق يظل التهديد الأكبر وليس السد نفسه.

حماية الحقوق المائية
وشدد الدكتور العسكري على أهمية تحكيم العلم والمنطق في تناول أزمة سد النهضة، داعيًا إلى ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى اتفاق فني وقانوني عادل يحقق مصالح جميع الأطراف، ويحمي حقوق مصر التاريخية في مياه النيل.