هل هناك خطورة على مصر من سد النهضة في الوقت الحالي؟ .. عباس شراقي يجيب

قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن الموقف المائي لمصر أصبح أكثر استقرارًا هذا العام، موضحًا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب شدد على ضرورة إيجاد حل لأزمة السد، كما أبدى دعمه للحقوق المصرية في مياه النيل، في إطار سعيه للظهور كوسيط سلام دولي.
وجاءت هذه التصريحات خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "حضرة المواطن" عبر فضائية "الحدث اليوم"، حيث استعرض عباس شراقي الأبعاد السياسية والفنية المتعلقة بالتصريحات الأخيرة لترامب، متطرقًا إلى احتمالات تأثير سد النهضة وسدود أخرى قد تُبنى مستقبلاً على حصة مصر من المياه.
اهتمامه بسد النهضة
قال عباس شراقي إن الرئيس الأمريكي أبدى للمرة الثانية اهتمامًا علنيًا بأزمة سد النهضة، وأشار إلى أهمية نهر النيل لمصر، مؤكدًا أن ترامب يعتبر نفسه صاحب دور مهم في تهدئة الخلاف بين القاهرة وأديس أبابا، ويُروّج لهذا الملف ضمن محاولاته للحصول على جائزة نوبل للسلام، عبر تصوير نفسه كراعي للسلام في العالم.
وأضاف عباس شراقي أن تصريحات ترامب تضمنت إشارات غير مباشرة إلى مسؤولية إثيوبيا عن تعطيل المفاوضات التي كانت تُجرى تحت رعاية واشنطن في 2020، عندما تغيبت أديس أبابا عن جلسة توقيع الاتفاق النهائي.
مصر تجاوزت الخطر
فنّيًا، أوضح عباس شراقي أن مصر تخطت بالفعل المرحلة الأخطر من أزمة سد النهضة، مشيرًا إلى أن السنوات الماضية كانت تمثل التهديد الحقيقي، حيث تم خلالها تخزين كميات كبيرة من المياه في بحيرة السد على حساب حصة مصر والسودان.
وأكد عباس شراقي أنه اعتبارًا من هذا العام، لن يكون هناك تخزين إضافي، بعدما امتلأت بحيرة سد النهضة بالكامل، وبالتالي ستعود المياه إلى التدفق الطبيعي نحو مصر، مشددًا على أن هذا الاستقرار جاء نتيجة إجراءات احترازية ضخمة اتخذتها الدولة المصرية، مثل إنشاء محطات تحلية ومعالجة المياه، ومشروعات الري الحديثة.
لا يمكن منع تدفق المياه
ردًا على سؤال حول قدرة إثيوبيا على منع المياه مستقبلاً، قال عباس شراقي بشكل قاطع: "لا إثيوبيا ولا غيرها يمكنها منع تدفق المياه إلى مصر، حتى لو سيطرت أمريكا على المنطقة". وأرجع ذلك إلى الطبيعة الجيولوجية والجغرافية لمجرى النهر، التي تجعل من المستحيل حجز المياه بالكامل، مؤكدًا أن هناك قوانين الطبيعة التي لا يمكن تجاوزها.
وحذر الدكتور عباس شراقي من أن الخطر الحقيقي قد يتجدد إذا أقدمت إثيوبيا على بناء سدود جديدة على مجرى النيل الأزرق أو الروافد الأخرى، موضحًا أن كل سد جديد يُخزّن المياه سيؤثر على الإيراد الطبيعي لمصر.

موقف سياسي داعم
اختتم الدكتورعباس شراقي مداخلته بالتأكيد على أن دعم ترامب لمصر في قضية النيل أمر إيجابي من الناحية السياسية، لكنه غير كافٍ ما لم تتم ترجمته إلى خطوات عملية على مستوى الضغط الدولي، موضحًا أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية في الحفاظ على استقرار المنطقة من خلال ضمان العدالة المائية والالتزام بالقانون الدولي.
وذكر عباس شراقي إن سد النهضة وحده حجز حتى الآن نحو 60 مليار متر مكعب من المياه، وإذا تبعته سدود أخرى فإن التأثير سيكون أشد، مطالبًا بضرورة وضع إطار قانوني ملزم يمنع مثل هذه التصرفات الانفرادية التي تهدد الأمن المائي لدول المصب.